قوات الأمن الخاصة بمأرب : قلعة الدولة والجمهورية

الانباء اونلاين -رشاد المخلافي
عند الحديث عن الأمن قد يتبادر إلى أذهان البعض تلك الصورة المشوهة والدور السلبي الذي رسمتة أجهزة أمن نظام عفاش ، والعلاقة غير السوية بين الأمن والمواطن، وبين الأمن والوطن .
ففي نظام المخلوع كان الأمن لا يحمل عقيدة وطنية ولا إنتماء وولاء للوطن أو للجمهورية، صحيح كان قوامه بعشرات الالآف ومجهز بمنشأت ضخمة ووسائل حديثة وإمكانيات هائلة وكانت ترصد له نفقات وميزانيات كبيرة أثقلت كاهل الشعب ، ولديها هياكل وشكل تنظيمي بمسميات وأذرع مختلفة لكنها كانت مفرغة من المضامين الوطنية والجمهورية تماما .
إذ لا علاقة لها بأمن البلد ولا بأمن المواطن أو الدولة (المغيبة أصلاً )بمعناها الواسع، وإنما كان أمن يخص الزعيم وعائلته ونظامه وشلته ورموز نظامه الفاسد والنافذين حيث تحولت مؤسسات الدولة إلى إقطاعيات خاصة .
هذه هي الصورة الحقيقية في ظل نظام عفاش العائلي الذي أسقط النظام الجمهوري وأختزل الوطن والدولة والمؤسسات العامة بشخصه وبشخوص عائلتة، وسخر مقدرات الشعب ومؤسسات الدولة بكل إمكانياتها المادية والبشرية والمعنوية لخدمة الزعيم ونظام العائلة البائد.
أما اليوم الصورة تغيرت تماماً، الوضع على الأرض تغير وتلك الصورة المشوهة والمزورة بمفاهيمها السلبية والوضع المغلوط الذي تشكل خلال أكثر من ثلاثة عقود مضت سقط بكل إنحداراته وانحطاطة وتشوهاته إلى غير رجعة، والجميع شاهد المآلات المخزية لتلك التشكيلات الأمنية المختلفة التي تحولت مابين ليلة وضحاها إلى مليشيات حوثية قمعية يسيرها الإماميون الجدد ، فسقطت وسقطت معها بقية التشكيلات العسكرية العائلية الأخرى إلى مزبلة التاريخ غير مأسوف عليها.
واليوم الوضع مختلف كليتا نحن نقف الآن بكل فخر وأعتزاز أمام مؤسسة دولة تخص الشعب والوطن والجمهورية، تم بنائها على أسس وطنية متينة وبمضامين جمهورية خالصة، فالحديث عن المؤسسة الأمنية في مأرب ليس حديث عن قوات بنيت للاستعراضات الكرنفالية المناسباتية كما كان في عهد عفاش.
بل هو حديث عن مسيرة من التضحيات العظيمة والانجازات الأمنية الكبيرة التي تحققت على الأرض وتتحقق كل يوم ويلمسها المواطن العادي قبل غيره، نحن اليوم نقف أمام مؤسسة وطنية دستورية شامخة وقلعة من قلاع الدولة والجمهورية، وهي من الشعب وإلى الشعب.
وعلى الرغم أنه تم بنائها في ظرف ووضع صعبة واستثنائي أيضا، لكنها بنيت وفق أسس علمية ومهنية وبمضامين وطنية وجمهورية خالصة ، وتعد قوات الأمن الخاصة مؤسسة دولة ورقم وطني صعب وهي ملك الوطن والمواطن بدرجة أساسية.
هذه هي قوات الأمن الخاصة فرع مأرب، التي ولدت من رحم المعاناة، لكنه مولود وطني عملاق بمضمون جمهوري ودستوري يجسد أهداف الثورة اليمنية الخالدة (سبتمبر وأكتوبر وفبراير)، ولعل ما قدمته هذه المؤسسة من تضحيات عظيمة وماتزال حقق إنجازات أمنية ووطنية كبيرة ، حتى ظهرت بهذه الصورة الخلاقة والمشرفة، حيث تغيرت المفاهيم والصورة الخاطئة التي رسمها النظام السابق طوال 33سنة مضت، اليوم تشكل هذا الانطباع الإيجابي والصورة المشرفة والرائعة التي ترسخت في أذهان المواطنيين.
تعد القوات الخاصة فرع مأرب مؤسسة دولة بحق ، فقد تمكنت في أصعب الظروف وبأقل الامكانيات والتجهيز أن ترسي دعائم الأمن والأستقرار، وجسدت القيم الجمهورية والوطنية والأنسانية النبيلة على الأرض، فعندما نتحدث عن مؤسسة دولة نتحدث عن انجازاتها الوطنية ونجاحاتها الأمنية التي أرتبطت بالوطن والدولة والمواطن أولا وأخيرا وفي أصعب مرحلة من تاريخ شعبنا ووطننا اليمني وفي أشد الظروف تعقيداً .
وما كان هذا ليتحقق ويتحقق لولا أن هناك جهود جبارة بذلت وتبذل، وتضحيات عظيمة يقدمها أبطال القوات الخاصة البواسل بسهرهم وبدمائهم الطاهرة، في عمل دؤوب ومتواصل، متجردين من الذات والأنانية ومتجاوزين معاناتهم وحاجاتهم الشخصية، بعفة وشرف عظيمين، وهم يحملون على عاتقهم هم الوطن الكبير، ويعملون بصمت ودون ضجيج، وبأقل الإمكانيات ، لكنهم يحملون إرادة وطنية صلبة لاتقهر ولا تعرف اليأس أو الانكسار ، يدفعهم إيمانهم العميق بعدالة القضية الوطنية التي يضحون في سبيلها، متحلين بروح وثابة ومعنويات عالية تناطح السحاب
هذه هي القوات الخاصة فرع مأرب التي شكلت نوذجاً وطنياً استثنائياً في وضع وزمن استثنائيين أيضا، لقد نهضت بالأمن من بين ركام الانهيار والفوضى الذي عاشه اليمن، ورسمت أحد ملامح اليمن الجمهوري الإتحادي الجديد والمشرق ، فهؤلاء الأبطال صنعتهم الأحداث والمعاناة وميادين التدريب والتأهيل المتواصل والعسكرية الصارمة، وهم يمثلون خارطة اليمن الاتحادي الكبير، ويسطرون الإنجازات ويحققون النجاحات الأمنية المتواصلة.
إن قوات الأمن الخاصة بدرجة رئيسية وبقية أجهزة الأمن يقفون بتجرد تام خلف هذا الاستقرار الأمني الكبير الذي تشهده محافظة مأرب ذات الكثافة السكانية العالية التي تحولت إلى قبلة للنزوح القسري الكبير من مختلف مناطق ومحافظات اليمن، وتواصل النزوح خلال السنوات الخمس الماضية بأعداد هائلة وصلت إلى أكثر من ثلاثة مليون نازح يمني، مأرب التي تفردت بكل شئ جميل (المجتمع والقبيلة ومؤسسات الدولة)
وهي التي في كسرت المشروع الحوثي الفارسي في وقت مبكر وأسقطت كثير من المؤامرات والمخططات التي هدفت النيل من وحدة التراب اليمني، وهي التي عرت تلك المخططات أمام الداخل والخارج واسقطت كثير من المشاريع الصغيرة، من هنا برزت مأرب وتجلى دورها الوطني وبوجود مؤسسات الدولة تعززت قوة مأرب وكانت ولاتزال فاعلة وصانع لأهم مرحلة من تاريخ اليمن المعاصر، مأرب شكلت نموذج رائع من بين كل المحافظات المحررة، وأصبحت منطقة جاذبة للاستثمار الوطني في الداخل والخارج في ظل الاستقرار الذي الأمني الذي تنعم به، وهي تحتضن مؤسسات الدولة الدستورية.
أمام هذه النجاحات العظيمة لمأرب، جعلها منها هدفاً استراتيجيا لكل أعداء اليمن فقد تعرضت وماتزال لمؤامرات مزدوجة ومتعددة الأطراف والتمويل من الداخل والخارج ، كان المخطط يقوم على إغراق مأرب في الفوضى من خلال التفجيرات والإغتيالات واستهداف الأحياء ومؤسسات الدولة حيث استغلت مليشيا الحوثي والخبراء الايرانيين موجات النزوح الى مأرب فأرسل عشرات الخلايا المدربة للقيام بالتفجيرات والاغتيالات واشاعة الفوضى، ورصد لتلك الأعمال مئات الملايين لكنه أصطدم بجدار أمني صلب ويقظ فكانت تسقط خلاياه بيد أجهزة الأمن كأوراق الخريف.
وفي نفس الوقت رصدت الإمارات مئات الملايين لتفجير الوضع الأمني في مأرب، ويخطئ كثيراً من يعتقد أن الأحداث التي كانت تحصل هنا أو هناك وأعمال التقطعات بريئة أو حوادث تخريبية إعتيادية بل كانت وتقوم وفق مخطط مدروس ويقف خلفها أطراف داخلية وخارجية أستطاعت شراء بعض الولاءات وكانت مدفوعة الأجر من الخارج لتنفيذ مخطط مرسوم.
من هنا برز دور أمن مأرب بتعاون قبائل مأرب والمجتمع المأربي الذي تميز بنضج ووعي ووطنية صادقة، وبرز أمن مأرب بمهنية وخبرة وكفائة عالية وشكل الحائط الوطني الجمهوري الصلب الذي تصد أفشل كل المؤامرات وأسقط جميع المخططات الجهنمية التي أستهدفت إسقاط مأرب وإغراقها بالفوضى، وهي محاولات ستتكرر بين الفينة والأخرى ، لأن هناك مخطط كبير يحاك ضد مأرب ليلا ونهارا لاسقاط هذا النموذج الوطني الحي، وحتما سيطدم بهذا الحائط الوطني اليقظ والصلب.
لذلك تقع على أعناقنا مسؤولية وطنية في الحفاظ على مؤسساتنا الوطنية أمام كل الحملات الإعلامية التي تقف خلفها نفس الجهات المتربصة بالوطن ومن واجبنا أيضا تقيم أي خلال فيها بصدق ونزاهة.
تحية تقدير بحجم التضحيات للعيون الساهرة