باستمرار مضايقاتهم للسكان .. الحوثيون : الوجه الآخر لطالبان

الانباء اونلاين  – الخليج اونلاين

على مداى ست سنوات، هي أمد الحرب العبثية التي أشعلها الحوثيون في اليمن، دفع اليمنيون أثماناً كبيرة، فسقط قتلى وجرحى، ودُمرت المنازل والمؤسسات الحكومية والخاصة، وعاشت مجاعة لم تشهدها البلاد طوال سنوات طويلة.

لم يتوقف الأمر هنا، فجماعة الحوثي التي تنتهك الحريات الدينية والشخصية للمواطنين، وتتدخل في حياتهم الخاصة، أصبح اسمها موازياً لحركة طالبان بأفغانستان، و”النصرة” في سوريا، و”داعش”، بسبب انتهاك حريات المدنيين، وفق آخر تقرير للخارجية الأمريكية.

وما بين إغلاق المقاهي والمطاعم بحجج الاختلاط، ومنع الأغاني، وإحراق أحزمة العبايات، تحارب المليشيا اليمنيين تحت مسمى “الخروج عن التقاليد اليمنية”، متجاهلةً معاناة السكان وإيقافهم صرف رواتب الموظفين الحكوميين منذ نحو 4 سنوات.

طالبان اليمن

إغلاق مساجد وتفجير عددٍ منها، وملاحقة الطائفة “البهائية” (محدودة العدد)، كانت سبباً في إعلان الخارجية الأمريكية، في 20 ديسمبر 2019، إدراج جماعة الحوثيين ضمن قوائم الكيانات التي تنتهك الحريات الدينية.

وقالت الخارجية في بيان لها، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتخذ قراراً يقضي بتصنيف الحوثيين ضمن كيانات ضمت “جبهة النصرة” و”القاعدة” و”الشباب” و”بوكو حرام” و”داعش” و”طالبان”، ككيانات ذات مخاوف خاصة تهدد الحريات الدينية. وتتعرض طائفة البهائية في اليمن لمضايقات كبيرة من مليشيا الحوثي،

وأصدرت محاكم تابعة لها أحكاماً بإعدام قيادات في الطائفة. كما تمارس المليشيا حرباً فكرية ضد كل المعارضين لتوجهاتها، وفرضت قيوداً كبيرة على المساجد ومدارس تحفيظ القرآن، ونصَّبت خطباء وأئمة للمساجد من أتباعها، وأزاحت من يعارضها.

“دواعش” اليمن

يقول الناشط الحقوقي ناصر المريسي، إن ميليشيا الحوثيين تحولت إلى “داعش اليمن”، بسبب منعها كل شيء مباح، واتخذت ذريعة “الاختلاط لتنفيذ أفكارها وإرغام الناس على تقبُّلها”.

وأضاف المريسي في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: إن ما يرتكبه الحوثيون في اليمن من جرائم “يشبه ما يقترفه تنظيم داعش بالمناطق والدول التي ينشط فيها، مثل إغلاق الكافيهات النسائية، وإزالة الدُّمى البلاستيكية الإعلانية من واجهات المحلات، وتغطية صور النساء في الإعلانات، فضلاً عن خطاب متطرف يبثونه في المدارس والجامعات”.

وأضاف: “يسهل للمُطّلع على أدبيات الجماعات المتطرفة أن يرى أوجه التشابه العديدة التي تجمع بين مليشيا الحوثي الانقلابية وتنظيم داعش الإرهابي، سواء من حيث الجرائم العنيفة التي ترتكبها أو القرارات المتشددة التي تحاصر بها المجتمع الخاضع لسيطرتها القهرية”.

ويرى أن بيان الخارجية الأمريكية حول إدراج الحوثيين ضمن منتهكي الحريات، يأتي من حيث “إنهم باعتبارهم فصيلاً إرهابياً، يقوم بممارسات بشعة من القتل وصولاً إلى نهب كل شيء ومنع كل شيء، ولم يتبقَّ إلا الهواء ليمنعوه عن المواطنين”.

غزوة “العبايات”

لا تعير جماعة الحوثيين ما تصدره الولايات المتحدة أو المنظمات الدولية أي اهتمام، لأنها تعتبرها “جهات معادية”؛ بل إنها مع كل بيان إدانة ترفع من وتيرة انتهاكاتها، فمؤخراً اقتحم مسلحون حوثيون، منتصف ديسمبر الجاري، محلات في العاصمة اليمنية صنعاء، وصادروا “أحزمة البالطوهات (العبايات)”، وأحرقوها، معتقدين أنها غير مطابقة لما يصفونها بـ”الحشمة” الصارمة التي يعتمدونها.

وجاءت هذه الحملة بدعوى أن هذه الأربطة تبرز مفاتن المرأة وتشيع الفساد وتؤخر النصر في اليمن، وهو ما أحدث جدلاً واسعاً في مواقع التواصل الاجتماعي.

ونشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات وصوراً توثق اقتحام المحلات، وإحراق تلك الأحزمة على وقع الصرخة الشهيرة للحوثيين “الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل (..)”.

واستنكرت وكيلة وزارة الشباب والرياضة لقطاع المرأة، نادية عبد الله، هذه الممارسات، وقالت: إن “أحزمة البالطو حرام وعار.. لكن خطف البنات والاعتداء على أمهات المعتقلين وإهانتهن حلال! وتجنيد المرأة وتلبيسها حزام رصاص حلال! وأخذ النساء إلى جبهات القتال حلال!”.

بدوره، قال الشاعر اليمني عبد المجيد التركي ساخراً: “بعد أن تم إحراق أحزمة العبايات يوم أمس.. سننتصر ونتسلم مرتباتنا المقطوعة منذ ثلاث سنوات ونصعد إلى الفضاء، ونخصّب اليورانيوم! كانت هذه الأحزمة أخطر من الأحزمة الناسفة وأخطر من الجوع الذي يفتك بالشعب، وأخطر من أنفلونزا الخنازير!”.

إغلاق المقاهي والمطاعم

في خطاباته مؤخراً، ركز زعيم جماعة الحوثيين، عبد الملك الحوثي، على ما يسميه “الغزو الفكري”، الذي قال إنه يأتي من الخارج بهدف “إغواء الشباب عن الجهاد وإفساد المجتمع”، وترجمت مليشياته هذه الخطابات على الأرض في تحركات لمداهمة المقاهي والمعاهد التي يوجد فيها شباب وفتيات بالوقت نفسه.

ومنتصف 2017، دشنت المليشيا حملات لمنع الاختلاط بين الذكور والإناث في عدة مدن، واقتحمت مقاهي عامة بأمانة العاصمة تمثل متنفسات لليمنيين، وأجبرت الموجودين فيها على المغادرة، تحت تهديد السلاح.

ومن هذه المقاهي التي تم اقتحامها “مون كافيه”، حيث أغلقته الجماعة، واشترطت منع الاختلاط مقابل السماح بإعادة فتحه، بحسب تصريح صحفي حينها لمالك المقهى، مأمون المقطري.

إحدى الناشطات كانت حاضرة في أثناء الاقتحام، قالت إن جميع الموجودين غادروا المقهى تحت تهديد السلاح، وإنها قبل أن تغادر خاطبت المسلحين الحوثيين، قائلةً: “هذا مكان عام”، فردَّ عليها أحدهم: “لسنا في لبنان، كيف سينصرنا الله وأنتم تختلطون!”،وفقاً لموقع “المصدر أونلاين” الإخباري المحلي.

وفي سبتمبر 2017، أغلق حوثيون مقهى “بن وقشر” في صنعاء القديمة بدعوى الاختلاط، وفي أثناء الإغلاق تهجموا لفظياً على نساء كن يرتدن المقهى، وصرخوا في وجوههن: “أين أنتن من فاطمة الزهراء!”، وخاطبوا الشباب: “سيروا إلى الجبهات بدل ما تجلسوا هنا تضيّعوا وقتكم”.

وأغلق الحوثيون مطعماً بصنعاء في يناير 2019، وجاء إغلاق المطعم التركي بعد يومين من اعتداء قيادي حوثي “علي السقاف” على مرتاديه من النساء، ومحاولة تصويرهن، بحجة أنه يحارب الاختلاط.

تماثيل محرمة ومهرجانات ممنوعة

وداهم مسلحون حوثيون، خلال شهري أكتوبر ونوفمبر الماضيين، عدداً من محلات الملابس النسائية في صنعاء، بسبب عرض ملابس على مجسمات بلاستيكية، باعتبارها “تماثيل محرمة ولا يجوز العرض عليها، وحذروا محلات حلاقة من الحلاقات التي فيها تشبُّه بالغربيين”.

كما اقتحموا مهرجانات وفعاليات عامة، ومنعوا إقامة مهرجان لعرض أفلام مخصصة للشأن الإنساني، بذريعة أن الأفلام تشجع على الاختلاط. وأغلقوا كذلك عدداً من المدارس بدعوى الاختلاط، وألزموا مدارس بفصل الطلاب عن الطالبات في السنوات الأولى من الابتدائية

منهج الحوثي المتطرفُ

تبدي الناشطة السياسية أسوان ثابت، استياءها من تجاهل المجتمع الدولي ما سمتها “جرائم الحوثيين”، واعتبارها طرفاً سياسياً في اليمن، بدلاً من إدراجها كـ”منظمة إرهابية” ومحاربتها على غرار “داعش” و”القاعدة”.

تقول ثابت: إن جماعة الحوثيين “ارتكبت كثيراً من الجرائم الشبيهة بتلك التي ترتكبها تنظيمات إرهابية مثل داعش والقاعدة، وتستهدف الأطفال والنساء على وجه التحديد”.

وتضيف في حديثها لـ”الخليج أونلاين”: “منهجية التنظيمات متشابهة مع الحوثيين في غرس خطاب الكراهية والطائفية وهتافات الولاء، وتوثيق عملياتهم الإرهابية، واتباع النهج الإعلامي للشهرة، ورفع معنويات عناصرهم المجرمة، واللجوء إلى عقاقير الهلوسة وغسل الأدمغة، وإقناع الأطفال المجندين بأنهم يقاتلون اليهود والنصارى، وأنهم سيحصلون على صك لدخول الجنة في حالة سقوطهم قتلى بالمعارك”.

وأوضحت أنه مؤخراً “نصّت التعليمات الحوثية على إلزام الطالبات بعدم لباس البالطوهات المفتوحة أو القصيرة، ومنع إظهار جزء من شعر الرأس، ومنع الملابس الضيقة، وإغلاق الكافيهات، وسُجن كثير من الفتيات بسبب ذلك، وهو ما يؤكد أننا أمام جماعة إرهابية متشددة مثلها مثل الوهابية وغيرها من الجماعات، وليست جماعة سياسية كما يصورها الغرب والأمم المتحدة”.

وتابعت: “المرأة اليمنية ربما باتت حالياً تمثل الهدف الأكبر لمليشيات الحوثي الانقلابية، في مناطق سيطرتها، خاصةً مع سلسلة الممارسات والانتهاكات التي قامت بها مؤخراً، وجعلت المجتمع بشكل عام والمرأة بشكل خاصٍ عرضة لعديد من الأخطار”.

زر الذهاب إلى الأعلى