نوفمبر: وتستمر الانتصارات

كتب/افتتاحية 26 سبتمبر:

لا شك أن نوفمبر لم يكن مجرد ذكرى في سفر النضال الوطني، ولم يكن تاريخ الـ 30 منه رقماً عادياً في ذاكرتنا الوطنية، بل كان وسيظل علامة مضيئة، كمنجز استطاع من خلاله شعبنا التحرر والانعتاق من ربقة الاستعمار البريطاني، بعد احتلال دام لـ 129 عاماً، وكسر قيود الفرقة التي وضعها المستعمر، تمهيداً لرحيله، وذلك بأن أول منجزات الاستقلال الناجز الذي حققه شعبنا في الـ30 من نوفمبر بأن وحد السلطنات والمشيخات في كيان واحد، وفي إطار دولة واحدة، مثلت خطوة مهمة في الطريق نحو إعادة توحيد شطري البلاد، والتئام الجسد اليمني من جديد.

أمر آخر لا بد أن تظل الأجيال في استلهام مستمر له، مقتفية خطواته العظيمة وهو التلاحم الوطني لأبناء الوطن، وهم يخوضون معركتهم ضد الإمامة والكهنوت شمالاً والاستعمار والاستبداد جنوباً، مجسدين بقتالهم ونضالهم جنباً إلى جنب وحدة الأرض والدم والقضية، التي توجت انتصاراً أسمع الدنيا حينها، كأعظم ثورة تحريرية في العالم، توهج ألقها في الـ 30 من نوفمبر من العام 1967م، برحيل آخر جندي بريطاني مجبراً، وإنهاء حقبة مظلمة من تاريخ شعبنا اليمني التواق دوماً للحرية والكرامة، ونور التعليم والنهوض والبناء.

يملك شعبنا الإصرار، ولا يمكن أن يستكين لمشاريع التمزق والفرقة والاستبداد، وهو ما يمثله عيد الاستقلال العظيم لكل أبناء الوطن اليوم، وهم يستعيدون ملاحم الآباء والأجداد، ممن استطاعوا بتضحياتهم ومعاركهم الفدائية، وملاحمهم البطولية، أن يحققوا إنجازاً عظيماً، بأن قالوا: “برع يا استعمار برع من أرض الأحرار برع” وصدقوا في ذلك، بدم ونار وعرق وجهد وتضحيات، عانقوها بفخر واعتزاز حين نالوا ما أرادوا، بأن أخذت بريطانيا عصا احتلالها البغيض، لترحل من أرضهم وبلادهم، بلا رجعة.

حين نتذكر أبطال سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر كصانعي مجد بلادنا الحديث، علينا أن نستلهم كفاحهم الأسطوري، وأن نغترف من معين وعيهم الوطني الصافي، الذي لم تشبه شائبة، فكان إخلاصهم لقضيتهم، هو العنوان العريض لنضالهم وصمودهم، الذي شارك فيه العمال والطلاب والفلاحون، وكان للمرأة دورها ونصيبها من صنع ملاحم البطولة والفداء، كما هو للكاتب والشاعر والفنان والسياسي والتاجر، كنسيج من نضال يماني خالص، ستظل قصته محفورة في ذاكرة الأجيال وستظل تروى من الآباء للأبناء كملحمة وطنية خالدة.

واليوم وبعد أكثر من نصف قرن من الثورة والحرية، تحاول جماعة مليشاوية إرهابية، تحاول عبثاً، إعادة البوصلة إلى الوراء، حيث التخلف والرجعية، في تنفيذ أجندة ورغبات المشروع الإيراني، إذ تصرّ المليشيا الحوثية على حربها المدمرة بحق اليمنيين، غير آبهة بدعوات السلام وضاربة عرض حائط انقلابها وغرورها بالقرارات الدولية والمرجعيات الثلاث التي احتكم لها اليمنيون، وأولها مخرجات الحوار الوطني كمخرج شارك في صنعه كل أطياف شعبنا في تجسيد للوحدة والتلاحم ونشدان اليمن الاتحادي، وهو المؤتمر الذي تم برعاية فخامة رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، عبدربه منصور هادي، إلا أنها أرادت أي المليشيا التنصل عن كل ذلك، مدعيةً زوراً وبهتاناً بالحق الإلهي في استعباد اليمنيين والعبث بحياتهم وثرواتهم، وهو العبث الذي لن يستمر، في ظل إصرار قيادتنا السياسية والعسكرية وأبطال القوات المسلحة والمقاومة وأحرار شعبنا اليمني في التصدي له وهزيمته واجتثاثه، وهو ما نراه قريباً في ظل الانتصارات التي تتحقق تباعاً في كل جبهات القتال ضد المليشيا القادمة من كهوف التاريخ.

وهي الانتصارات التي يسطرها الأبطال، ويعمدها الشهداء والجرحى بدمائهم، على درب من سبقوهم من المناضلين، متعهداً على نفسه الجيش مواصلة الأهداف واستكمال تحرير ما تبقى من تراب الوطن من يد المليشيا الحوثية الإرهابية، وبعقيدة عسكرية وطنية وهمة عالية وعزيمة لا تعرف المستحيل وعيون ترقب الخلاص واستعادة الدولة وإنهاء الانقلاب، وبدعم وإسناد من الأشقاء في تحالف دعم الشرعية، بقيادة المملكة العربية السعودية، ممن نقدم لهم التحية على جهودهم الأخوية الصادقة.

والرحمة للشهداء والشفاء للجرحى والحرية للمختطفين، وعيد استقلال مجيد.

 

https://wp.me/p8iF4F-mzJ

زر الذهاب إلى الأعلى