“حجة”: أول محافظة يدخلها الحوثيون و”عبس”: شريانهم الأهم وتحريرهما أقصر الطرق لإنهاء الإنقلاب (تحليل)

الانباء اونلاين – خاص :
لم يكن اختيار ميليشيات الحوثي الانقلابية لمحافظة حجة كثاني محافظة يبسطون نفوذهم ويتوسعون فيها بعد محافظة صعدة اعتباطا ، وإنما وفقا لرؤية انقلابية مدروسة بعناية ، وبإشراف ورعاية ايرانية ، منذ بداية تكون النواة الاولى للميليشيات في جبال مران .
حيث تشكل جغرافية المحافظة موقعا استراتيجيا مهما للميليشيات ، وخط امداد خارجي قبل ان تكون حلقة وصل مهمة ايضا تربطهم بالساحل الغربي خاصة الحديدة وما تمثله من اهمية على المستوى الوطني ، ولذا تستميت الميليشيات في الحفاظ على المحافظة تحت سيطرتهم بتواطوء ملحوظ ومكشوف من قوى إقليمية ودولية .
ويكشف هذا التقرير أبعاد استمرار سيطرة الميليشيات على محافظة حجة وما يترتب على خسارتهم لها ، والاهمية الجغرافية التي تحتلها … الى جانب العراقيل التي تحول دون ذلك وما الذي تحقق حتى الان بعد سبعة اعوام من الحرب ؟ وغيرها من المسائل المتعلقة بالمحافظة وسير المعارك فيها …. الى التفاصيل :
من هنا بدأ الانقلاب!
قبل أن تصل ميليشيات الحوثي الانقلابية الى محافظة عمران ومن ثم العاصمة صنعاء في ايلول سبتمبر 2014م كانت قد بدأت تنفيذ انقلابها في محافظة حجة ، عندما بسطت نفذوها الكامل على مديرية مستبأ شمال حجة والقريبة من الحدود اليمنية السعودية مع نهاية العام 2011م .
وتضم مستبأ منزل واراضي القيادي الثاني في الميليشيات المدعو/ يوسف المداني ، وصهير مؤسسها الهالك ، وقد تحولت المديرية بعد ذلك الى غرفة عمليات للحوثيين تدير من خلالها عملياتها المسلحة في الشريط الحدودي مع ترتيب عمليات تهريب السلاح مع الخبراء الايرانيين ومن حزب الله اللبناني عبر سواحل ميدي و القادمة من ايران .
لماذا حجة؟!
وتشكل جغرافية محافظة حجة حلقة وصل ورابط مهم بين المعقل الرئيسي للميليشيات في صعدة و الشريان الاقتصادي المتمثل في مدينة وميناء الحديدة مرورا بحجة ، والتي تشكل طوقا يحيط بالعاصمة صنعاء ، الى جانب قربها والتصاقها بالحدود اليمنية السعودية برا وبحرا .
كما تمتلك المحافظة مخزونا بشريا كبيرا استفادت منه الميليشيات في رفد جبهاتها بآلاف المقاتلين الذين استغلت ظروفهم الاقتصادية والجهل الذي يشكل نسبة كبيرة بين سكانها ، كل ذلك وغيرها من الاسباب جعل المحافظة في مقدمة المناطق التي تحاول الميليشيات ابقائها تحت سيطرتهم ، مستفيدين من كافة الظروف الاقليمية والمحلية ، والتي تعرقل عملية الاسراع في انهاء الانقلاب .
حلقة وصل خارجية
ومنذ نشأة الميليشيات في جبال مران مع بدايات الالفية الثالثة ، كانت سواحل محافظة حجة الواقعة ضمن مديرية ميدي منطلقا لدخول كافة الوان الدعم المالي والسلاح والتدريب والاستثمار وغيرها من برامج التهيئة والتوسع لعناصرها .
وبحسب مصادر أمنية فقد سعى الحوثيون منذ الوهلة الاولى لشراء مساحات واسعة من الاراضي الواقعة قبالة سواحل ميدي و الممتدة شرقا الى حرض بمحاذاة الحدود السعودية تحت غطاء الاستثمار الزراعي ، والتي تم الكشف عنها مؤخرا بأنها كانت عبارة عن مخازن أسلحة متنوعة ومواقع لادارة وتنفيذ حروبها ضد الاشقاء في المملكة منذ بداية الحرب .
كما شكلت المحافظة حلقة وصل مع الممول والداعم الرئيس للميليشيات ممثلا بإيران وحرسها الثوري ، والذي أنشأ معسكرا تدريبيا لعناصر الحوثي قبل اكثر من خمسة عشر عاما في سواحل ارتيريا المقابلة لسواحل ميدي الساحلية .
الطريق الى صنعاء
وتشكل محافظة حجة احد اهم طرق تطويق صنعاء والوصول اليها من جهتي الشمال الغربي عبر مركز المحافظة والشمال عبر منطقة حجور ، وخلال حرب الحوثيين مع حجور مطلع العام 2019 ذكر محللون سياسيون و عسكريون بأن حجور التابعة لمحافظة حجة تعد من اقصر الطرق المؤدية الى صنعاء ومن خلالها يمكن تطويق معقل التمرد الاول في صعدة .
عبس .. شريان الميليشيات
وخلال السنوات الماضية من الحرب تمكنت قوات الشرعية من تحرير مديريتي ميدي وحيران بشكل كلي ، فيما حررت اجزاء كبيرة من حرض وتوغلت في اطراف مديرية عبس من جهة الشمال ، استقرت في مواقعها حتى الان .
وتعتبر مدينة ومديرية عبس مرتكز مهم في تحرير المحافظة من الميليشيات ، حيث تشكل محور التقاء مناطق حجور و الشرفين ووشحة مع مركز المحافظة من جهة الساحل ، وعبرها تقوم الميليشيات بإيصال مقاتليها الى مدينة الحديدة التي لم يعد لهم اي خط امداد اليها سوى الخط الدولي الشمالي الذي يمر من عبس التابعة لمحافظة حجة .
كما انه بتحرير عبس ستتهاوى باقي مديريات حجة امام قوات الشرعية والتحالف ، خاصة وان هناك سخط شعبي تجاه الميليشيات نتيجة سياساتهم الافقارية والقمعية التي ينتظر المواطنون الخلاص منها في اي لحظة ، الى جانب ان غالبية سكان المحافظة لن يسمحوا بفتح جبهات قتال في اوساط القرى والمناطق الممتدة بالسكان خوفا من تبعات ذلك على الاطفال والنساء .
معطيات مهمة
ثمة معطيات ميدانية اخرى يمكن استغلالها للإسهام في عملية تحرير محافظة حجة ابرزها تنامي السخط الشعبي تجاه الميليشيات ، الذي تسببت بنزوح أكثر من نصف مليون مواطن من ابناء المحافظة وتهجير الالاف من قراهم ومساكنهم قسرا ،
بالاضافة الى عمليات المداهمات والاعتقالات و الاختطافات اليومية والاخفاءات القسرية بحق ابناء المحافظة فضلا عن انتشار البطالة والفقر وتفشي الاوبئة والامراض في كل مديريات ومناطق المحافظة
مما يزيد تنامي السخط الشعبي واتساع رقعة المعارضين للمليشيات والمناهضين لسياساتها وممارساتها وتقلص نسبة المؤيدين لها من أبناء المحافظة في كل يوم وكلها عوامل من شأنها أن تسهل عملية تحرير واستعادة المحافظة من سيطرة المليشيات بعد خمس سنوات من اسقاطها.