حقيقة معنى الأقيال تاريخياً

كتب / أ.د أحمد الدغشي
هالني هذا التجديف الذي آل إليه الأمر في موضوع “الأقيال”، حتى بلغ الحال ببعضنا أن يصف كبار صحابة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- من الأنصار بأنهم ” أقيال”! ويعدّ ذلك من المناقب التي يفاخر بها اليمانيون، أي كونهم أقيالاً ! الأمر الذي اضطرني إلى أن أستل من دراسة كبيرة لا أزال أعكف عليها الفقرة التالية ذات العلاقة ببيان معنى القيل والأقيال تاريخياً.
ولكوني أؤمن بالتخصص فلم آتِ بشيء من المعنى من مخزوني المعرفي الشخصي أو موقفي الذاتي من حركة الأقيال، بل أوردت المعنى بإيجاز عن بعض الدارسين المحققين في مجال التاريخ. وكم ستكون الصدمة حين نقف على أن خلاصة معنى “القيل” أو “الأقيال” لايخرج عن معنى الطبقة من الإقطاعيين، أو أشبه بهم!
خلص إلى التوصيف أعلاه بعض المعاصرين العرب من كبار مؤرخي التاريخ القديم، من غير اليمنيين، وكذا بعض أبرز المؤرخين المعاصرين من اليمنيين، فمن الصنف الأول الدكتور المؤرّخ جواد علي، حين عرّف الأقيال بأنهم ” طبقة من كبار الإقطاعيين، من أصحاب الأرضين الواسعة، ومن رؤساء القبائل كذلك والسادات الكبار. وكانوا يتمتعون بسلطان واسع…” ( جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام،1413هـ-1993م، ط الثانية، د.م: د.ن، جـ5 ص 278).
ومن الصنف الآخر الدكتور والمؤرّخ اليمني محمد عبد القادر بافقيه ( محمد عبد القادر بافقيه، الأذواء والأقيال ونظام الحكم في اليمن القديم، مجلة دراسات يمنية، 1987م، صنعاء: مركز الدراسات والبحوث اليمني، العدد 27، ص 145، وراجع: لمزيد اطّلاع:: أزهار كامل ناصر، الأذواء والأقيال: دراسة في التاريخ اليمني القديم، 1435هـ- 2014م ، رسالة ماجستير، جامعة البصرة، ص27).
إذا أردنا أن نقرّب الفكرة ونخفف العبارة فالقيل – في أحسن التوصيفات – لايخرج عن معنى عن حال ذوي النفوذ من طغاة المشائخ القبليين الكبار، بما لهم من نفوذ ومال وامتلاك للأرض والإنسان، وعلى ذلك فهم – في حقيقة الأمر- الوجه الآخر عملياً للإمامة الكهنوتية وأساليبها في الاستثار بكل شيء، فعلامَ الدفاع إذن،؟ ولِم محاربة الوجه الآخر لها اليوم؟ إذا كان البديل هو التبشير بالردّة إلى نمط قديم، لايختلف عملياً في جوهره عن مأستنا الراهنة.