هكذا حطّمت مأرب أسطورة أبو الحاكم وأبطلت طلاسم المنجّم الحوثي
من التهديد والوعيد إلى الخوف من الهزيمة..
الانباء اونلاين – متابعات:
في مارس 2020 بدأت مليشيات الحوثي تكثيف هجماتها على أطراف محافظة مأرب بعد أن أغراها الاختراق في جبهات نهم ومديرية الحزم بمحافظة الجوف، وخلالها عملت المليشيا على استخدام آلة الدعاية النفسية التي استخدمتها في نهم والجوف.
وبرغم تعدد أساليب مليشيا الحوثي في الحرب والدعاية النفسية التي وجهتها نحو مأرب ، إلا أنها استخدمت بمأرب أساليب أخرى لم تستخدمها من قبل بغرض التأثير على سير المعارك، من بينها التواصل الشخصي مع السكان من نازحين وقيادات عسكرية وميدانية، وتهكير واختراق الحسابات المؤثرة وبث دعاية مضللة عبرها، ونشر الشائعات على أوسع نطاق وغيرها الكثير.
ومن أبرز الأساليب التي استخدمتها المليشيات في الدعاية النفسية للتأثير على المعركة في مأرب الزج بقيادات من الصف الأول والثاني داخل المليشيا في بث الدعايات المضللة، ونشر الشائعات لبث الهزيمة المعنوية بين الجيش الوطني والمقاومة والحاضنة في مأرب من جهة، ورفع معنويات مقاتليهم من جهة أخرى.
أبو علي الحاكم .. قريب جدا
ويرصد موقع “الثورة نت” بالروابط والصور كيف دفعت مليشيا الحوثي اثنين من قيادات الصف الأول لها لتبني انتصارات كاذبة بمأرب خلال الستة الأشهر الأولى من اشتعال المعارك على أطراف مأرب 2020، وكيف أجبرت مأرب هاذين القياديين على التراجع عن انتصاراتهم الإعلامية بعد أن فشلت مليشياتهم.
ففي 12 يوليو 2020 نشرت وسائل الإعلام الحوثية تصريحاً للإرهابي عبدالله يحيى الحاكم المكنى أبو علي الحاكم رئيس الاستخبارات للمليشيات ، وجه فيه تحذيرا شديد اللهجة نحو دول التحالف وقبائل مأرب من عرقلة سيطرتهم على مدينة مأرب التي قال إنهم باتوا على مشارفها وأن دخولها بات قريبا جدا.
التصريح نشرته النسخة الحوثية من صحيفة 26 سبتمبر وجاء فيه ما نصه: “نقف اليوم ومعنا كل قبائل اليمن وفي طليعتهم أحرار محافظتي مأرب والجوف على مشارف المدينة، وقريباً جداً سيتم دخولها واستعادتها إلى صف الوطن”.
ووفق الخبر الذي أعادت نشره النسخة الحوثية من وكالة سبأ فقد حذر الحاكم، دول التحالف “من التمادي باستهداف المنشآت النفطية والاقتصادية بمحافظة مأرب” .. وقال” ذراعنا قوية وطويلة قادرة على أن تمتد إلى كل منشآتهم النفطية والاقتصادية وتدميرها بالكامل وقادرون على رد الصاع صاعين بل وأكثر”.
ويعتبر هذا التصريح الصادر عن أبو علي الحاكم والذي نشر عبر الصحيفة الناطقة بإسم المليشيات هو الأول من نوعه منذ العام 2015 الحاكم، وأظهر فيه لغة متحدية وقوية أوحى من خلاله لأتباعه بأن المعركة باتت محسومة لصالحهم، وأن هناك قرارا بالإنتهاء منها في القريب العاجل.
وجاء تصريح أبو علي الحاكم بعد ستة أشهر من الترنح الحوثي على أطراف محافظة مأرب ، برغم المعارك الشرسة التي خاضتها لمحاولة كسر إرادة الجيش الوطني والمقاومة من أبناء مأرب دون جدوى.
ويعتبر أبو علي الحاكم الذراع اليمنى لزعيم مليشيات الحوثي والقائد لمليشيات منذ حروب صعدة الأولى وحتى اليوم، وتصفه موسوعة ويكيبيديا بأنه الرجل الثاني في المليشيا
وفي 7 نوفمبر 2014 أدرج مجلس الأمن الدولي أبو علي الحاكم إلى جانب شقيق زعيم المليشيات عبدالخالق الحوثي بين المشمولين بالعقوبات لاتهامهم بتهديد السلام والاستقرار في اليمن.
من قريب جدا إلى مسار حساس
مر أكثر من 280 يوما على تصريح الإنتصار “القريب جدا” بمأرب الذي أطلقه أبو علي الحاكم دون أن يشهد المسار العسكري أي تحول على الأرض باستثناء اختراقات بسيطة تتوارى المليشيات عن ذكرها خشية انعكاساتها السلبية على معنويات مقاتليها وحاضنتها، نظرا لحجم الخسائر البشرية المهولة على مدى عام من القتال.
ففي 28 فبراير 2021 وبينما كان يرأس اجتماعاً في صنعاء مع عناصرهم من المشايخ والموالين لهم المنتمين لمأرب ألقى كلمة مطولة حاول من خلالها تحميلهم مسؤولية تحقيق الانتصار لهم في مأرب، وأبدى من خلال كلمته اعترافا ضمنيا بالفشل في مأرب .. محذرا من خسارة المعركة فيها.
الكلمة بثتها قناة المسيرة الحوثية ونشرتها صحيفة 26 سبتمبر بنسختها الحوثية وقال فيها: “المعركة في مسار حساس ومرحلة مفصلية فإما أن نكون أو لا نكون الأمر الذي يفرض علينا أن نكون جميعاً جنوداً مجندة في الدفاع عن الوطن ومجابهة المعتدين”.
وذهب الحاكم لتحميل الأمم المتحدة شماعة هزيمتهم في مأرب .. متهما إياها بممارسة النفاق في مأرب وقال إن “مأرب كشفت النفاق الأممي” .. وقدم وعداً جديداً لم يجد له طريقا حتى اليوم ، بأن الاتجاه القادم لهم هو “الحسم وطرد الغزاة من محافظة مارب” كما قال.
من هزيمة الخصم إلى الحفاظ
وليس وحده الإرهابي أبو علي الحاكم من قيادات الصف الأول الذين زجت بهم لبث تصريحات كاذبة عن المعارك في مأرب بغرض حشد مقاتلين جدد للموت في مأرب، ففي 7 سبتمبر 2020 نشر محمد علي الحوثي إبن عم زعيم مليشيات الحوثي وعضو مجلس المشاط تغريدة على حسابه في تويتر طلب فيه من سكان مدينة مأرب بإغلاق أبوابهم إذا أرادوا الأمان من يريد الأمان من أتباعه.
الحوثي حاول بث الهزيمة المعنوية بين أبناء مأرب في عاصمة المحافظة، والإيحاء لأتباعه والمواطنين في المحافظات المحتلة بأن المعارك باتت داخل مدينة مأرب قائلاً: “من أغلق عليه بابه فهو آمن”.
وجاءت هذه التغريدة بالتزامن مع معارك عنيفة على أطراف محافظة مأرب دخلت حينها الشهر السادس، وكانت خسائر المليشيا قد فاقت خمسة آلاف قتيل وآلاف الجرحى ، ممن حشدتهم المليشيا تحت لافتات قتال أمريكا وإسرائيل وتحرير الغاز والنفط وغيرها من اللافتات.
مرت عشرة أشهر دون أن يغلق أبناء مدينة مأرب أبواب منازلهم استجابة لتغريدة محمد علي الحوثي، بينما الحصاد المر للمليشيات مستمر بأطراف محافظتهم دون توقف على يد الجيش الوطني والمقاومة وطيران التحالف ، الأمر الذي دفع محمد علي الحوثي في 24 يوليو 2021 للتغريد مجددا لكن بعيدا عن أبواب منازل سكان مدينة مارب.
محمد علي الحوثي في تغريدته الجديدة اكتفى بكتابة تغريدة من ثلاث كلمات بأحرف مقطعة (م ا ر ب ا ل ن ص ر ا ت).
ووفق مراقبين فإن لغة التغريدة أظهرت تحوله من الهجوم إلى الدفاع.. مبتعدا عن بث الهزيمة في الخصم إلى محاولة إثارة الأمل لدى أتباعهم بهدف حشد مقاتلين جدد بدلا عن الحشود السابقة التي هلكت على أطراف مأرب.
صورة تغريدة محمد علي الحوثي في 24 يوليو 2021
ويرى مراقبون عسكريون بأن الحديث الحوثي المستهلك عن انتصاراتهم في مأرب أفقدهم المصداقية إعلاميا وشعبيا، وصعب عليهم حشد مزيد من المقاتلين إلى جبهات مأرب، وهو مادفع المليشيات لتقديم وعود مطاطية جديدة عن نصر عام في مأرب بعيدا عن تحديد الجغرافيا.
محاولات تبرير الفشل
وأمام الضغوط الداخلية التي تواجهها مليشيات الحوثي بسبب فشل معركتها في مأرب مقابل فاتورة القتلى العالية التي دفعتها منذ عام ونصف من المعارك الخاسرة اضطرت المليشيات للخروج عن صمتها، والإعلان عن إنجازاتها الميدانية وأنها تقدمت في رحبة وماهلية 100 كيلو متر جنوب مأرب.
وجاء إعلان المليشيات بعد عام ونيف من التأجيل والتكتم عليها خشية انكشاف انتصاراتها الكاذبة التي ظلت تروج لها عبر قياداتها وإعلامها وناشطيها في وسائل التواصل الاجتماعي ، وآخرهم محمد عبدالسلام الذي قال إن المساحة التي تسيطر عليها مليشياتهم في مأرب بمساحة دولتين خليجيتين.
وبقدر ماكانت مليشيات الحوثي تحاول تسويق إعلانها المتأخر والمبالغ فيه لعناصرها على أنه إنجاز نوعي إلا أنه كشف عن وجود امتعاض داخلي يتصاعد داخل المليشيات من فشل معركتها بمأرب وفاتورة القتلى الباهظة التي حصدتها جبهات مأرب، ما دفع القيادي الحوثي يحيى المحطوري عضو المكتب الثقافي للمليشيا لنشر تغريدات توضيحية لتبرير أسباب فشلهم بمأرب.
المحطوري انتقد تقليل بعض أتباعهم لضآلة التقدمات التي أعلنها يحيى سريع والحديث بأنها مجرد عمليات عادية وبسيطة تحققت بصعوبة شديدة.
وذهب المحطوري في تغريداته باتجاه تبرير وشرح أسباب ترنح مليشياتهم في مأرب من خلال حديثه عن أن “العدو” ألقى بكل ثقله العسكري في مأرب ، وأن هناك ضغوطاً سياسية واقتصادية تواجهها حركتهم تسببت في ترنحهم.
كما تحدث المحطوري – في سياق تبريراته لفشل مليشياتهم بمأرب – عن دعم أمريكي للجيش الوطني في مأرب . قائلا إن أمريكا قامت بتقديم الدعم اللوجستي للقوات المتواجدة في مأرب، وزودتهم بمنظومات اتصالات حديثة، كانت سببا في ضآلة ماحققته مليشياتهم في مأرب.
نقلا عن الثورة نت