رمضان في مخيم الجفينة : معاناة وبعد عن الأهل يقابلها الشعور بالتآخي و بالحرية
الانباء اونلاين – علي العقبي :
يحط شهر الصيام على آلاف الأسر اليمنية وهي تعيش في مخيمات النزوح بمحافظة مأرب في أجواء وظروف صعبة ومعاناة متعددة جراء غلاء المعيشة واستمرار الهجمات الحوثية على المحافظة، واستمرار تدفق النزوح من المحافظات الخاضعة لمليشيا الحوثي.
“الثورة نت” تجول ثاني أيام رمضان في مخيم الجفينة التجمع الأكبر للنازحين في اليمن، واستطلع أوضاع النازحين مع حلول شهر رمضان الفضيل، الذين أشاروا إلى أنه رغم وضع النزوح المتعب، وبعدهم عن أهاليهم وأقاربهم، إلا أن أجواء الأخوة بين النازحين والشعور بالحرية خففت من وطأة النزوح ومعاناته.
غياب لمّة العائلة
يقول النازح أحمد جبر، وهو من أبناء محافظة المحويت، إن ظروفه وأسرته تغيّرت مع انتقالهم للعيش في الخيام والتشرد، وغابت الطقوس التي اعتادوا عليها خلال شهر رمضان، وخاصة لمة العائلة على مائدة الإفطار، لكن الأجواء الأخوية في المخيم تعوض الشعور بغياب الأقارب.
وأضاف أنه يتوق إلى انتهاء رحلة النزوح والتشرد المستمرة للعام الخامس على التوالي، والعودة إلى حياته السابقة بعيداً عن شبح الحرب التي تقودها مليشيا الحوثي الإرهابية.
تقاسم الألم
ومن جانبه، يقول النازح محمد أبو علي، وهو من أبناء محافظة ريمة، إن النزوح صعب وغصة والأصعب منه هو أن يأتي ورمضان وباقي أسرتنا في مناطق سيطرة المليشيا.
وأضاف: لكننا بتكاتفنا بالمخيم أصبح جاري من صنعاء والمحويت وحجة أو من أي محافظة هو أخي وقريبي ونعتبر أسرة واحدة نعيش نفس المصير وجمعنا نفس السبب، ويكفي أننا نعيش بحرية وكرامة.
وحول متطلبات المعيشة الأساسية، يقول أبو علي، “كنا نستقبل رمضان بشراء المواد الغذائية اللازمة لما يكفي الشهر كامل لكن بسبب تأخير الرواتب نعيش هذا الشهر وبيوتنا ينقصها الكثير من الاحتياجات”.
وهذا أيضاً ما تعانيه أسرة غالب صادق، الذي قال إن “هذا رمضان الخامس نعيشه بمخيم الجفينة للنازحين ونفتقر إلى الكثير من الخدمات ونواجه صعوبة في ارتفاع أسعار المواد الغذائية وهذا ما يثقل كاهلنا كنازحين”.
وأضاف “نأمل أن تقوم الجهات المعنية بتطوير المخيم من حيث الطرق والصرف الصحي وإصلاح الأسلاك الكهربائية، لأن التوصيل العشوائي تسبب في حرق العديد من المنازل”.
وعبّر عن أمله في أن تنتهي الحرب وأسبابها “وأن نقضي رمضان العام المقبل بين أهالينا، ويعود كل شخص وأسرة إلى بلاه”.
اهتمامات النازحين
وحول اهتمامات الأسر النازحة في رمضان، يقول عبدالله صالح، وهو نازح للعام السادس على التوالي مع قدوم رمضان “اهتمامنا الأول هو تفقد الأجهزة الكهربائية خاصة المكيفات وغيرها لمواجهة تغير المناخ وارتفاع درجة الحرارة”.
مشيرا إلى أنه ورغم جهود السلطة المحلية بمأرب بتوفيرها للكهرباء، إلا أن الضغط يكون كبيرا عليها ما يؤدي غالبا إلا الانطفاءات.
وأشار إلى أن رمضان هذا العام يأتي ودرجة الحرارة لا بأس بها، وليس كالأعوام الماضية، وهو ماخفف من حدة انطفاءات الكهرباء .. معربا عن أمله في إيجاد حلول للانقطاعات التي تحصل خلال فصل الصيف، وأن تقوم المنظمات بدورها في هذا الجانب.
وأشار إلى غياب الأقارب عنه، إلا أنه يحاول التواصل معهم بشكل مستمر خلال ليالي رمضان والتأكد من أحوالهم وأوضاعهم واستذكار ما افتقدناه من لمة العائلة التي كانت تجمعنا في عادة في هذا الشهر.. مؤكدا أن النزوح كان اضطرارا من أجل العيش بحرية وكرامة، وهذا أهم شيء.
ومن جانبه، قال النازح فيصل طالب، وهو تربوي يعيش في مخيم الجفينة للسنة الثالثة، إنه يستقبل رمضان “بالحب والشوق والاهتمام بمتطلبات الأطفال واحتياجاتهم”. مشتكياً من نقص المياه في المخيم، وصعوبة شراء الخزان بخمسة آلاف ريال كل 10 أيام.
غياب الدور الإنساني
وحول مصادر الحصول على متطلبات الحياة الأساسية، قال المعلم فيصل، إنه يعاني قلة الدخل للإيفاء بمتطلبات المعيشة والمناسبات والأعياد.. مؤكداً أن راتبه ما زال منقطعاً منذ الانقلاب الحوثي ولم يحصل بعده على أي راتب.
وقال: نعاني من إهمال شديد من قبل المنظمات المحلية والدولية رغم إعلانها تنفيذ مشاريع بملايين الدولارات في اليمن.
وأضاف: منذ نزحت وأسرتي إلى مخيم الجفينة لم أحصل من المنظمات سوى على “فرش بسيط وسبعين ألف ريال عام 2019”. مضيفاً: كل مشاريع المنظمات لا نسمع عنها سوى في التلفاز..
ووفقاً لفيصل، فإنه وأسرته يعاني من “نقص الخدمات الصحية وعدم توفر بيئة تعليمية لأطفالنا”. كما تعيش أسرته خوفًا دائمًا من الحرائق الناتجة عن التوصيل العشوائي للكهرباء. إضافة إلى قلة مياه الشرب والغبار وندرة المواصلات وارتفاع تكلفتها خاصة هذه الأيام.
كلنا أخوة
وفي طريق عودتنا التقينا بالنازحة سعادة قحطان، والتي لا يختلف حالها عن غيرها من النازحين، حيث قالت إن أسرتها استقبلت رمضان “بفقرنا واحتياجاتنا التي لم نتمكن من توفيرها بسبب غلاء الأسعار”. لكنها قالت إن تكاتف النازحين “خفف علينا الكثير”.
ورغم كل شيء، تقول سعاد، إن “رمضان يبقى غير مكتمل وحزين بعيداً عن الأسرة والعائلة الكبيرة. مضيفة أن رمضان كان أجمل في قريتها، حيث “كانت العائلة الكبيرة تعيش في مناطق قريبة من بعضها ونلتقي في رمضان”.
وناشدت سعاد، المنظمات والجمعيات الخيرية العمل على توفير مساكن مناسبة للنازحين والمساهمة في تحسين ظروفهم المعيشية وتفقد أحوال النازحين وحياتهم في المخيمات.
وإجمالاً، قال المسن غالب حمود، وهو من أبناء محافظة الحديدة، متحدثاً عن حياة النازحين في الجفينة: “كلنا هنا أخوة لا فرق بين هذا وهذا. مؤكداً أن الهم الكبير للجميع هو “هزيمة المشروع الحوثي والعودة إلى بلادنا”.
وقال: صحيح نواجه صعوبة في ارتفاع أسعار المواد الغذائية، لكننا نصبر ونتحمل مشقه النزوح والاغتراب عن الأهل والأقارب لكننا نصبر ونتحمل حتى نجد السلام العادل والدائم.
وننوه هنا إلى أن السلطة المحلية بمحافظة مأرب عملت على توفير الكهرباء لمخيم الجفينة الذي يعتبر من أكبر المخيمات اليمنية والذي يقدر عدد النازحين فيه بأكثر من 200 ألف نازح، كما وفرت المناهج الدراسية والمعلمين، إلا أن جهود السلطة المحلية بحاجة لمزيد من الإسناد من قبل المنظمات الدولية والأممية.
ويشتكي النازحون في مخيم الجفينة وبقية المخيمات بمحافظة مأرب من ضعف دور المنظمات الإنسانية، حيث يفتقر معظم النازحين للسكن المناسب، وعدم القدرة على تعليم أبنائهم بسبب نقص المدارس في المخيمات، أو بعدها عن أماكن نزوحهم.
نقلاً عن الثورة نت