منظمات حقوقية : تعيش تعز أقسى ظروف الحرب، وتتجسد فيها كل ملامح الأزمة الإنسانية اليمنية

الانباء اونلاين- متابعات :

قالت 26 منظمة حقوقية يمنية اليوم أن مدينة تعز تعيش أقسى ظروف الحرب، وتتجسد فيها كافة ملامح الأزمة الإنسانية اليمنية، وترتكب فيها ابشع انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب في ظل استمرار الحصار الخانق الذي تفرضه مليشيات الحوثي الانقلابية على المدينة منذ العام 2015،

وطالبت المنظمات الحقوقية في بيان مشترك صدر عنها اليوم، من المجتمع الدولي بدوله وهيئاته ومؤسساته وتحالفاته بالتدخل لانهاء هذا الحصار الجائر على مدينة تعز وايلاء الأزمة الإنسانية فيها الاهتمام الكافي، وجعلها من أولويات مهامه لإنهاء الحرب في اليمن،

مؤكدة أن الملف الانساني في تعز يعد  من أهم الملفات المركزية في الأزمة اليمنية، حيث تتفاعل في تعز مجموعة من الإشكالات السياسية والاجتماعية، وفيها أكبر مظاهر الأزمة الإنسانية وانتهاكات حقوق الإنسان.

وجاء في البيان : تتعرض مدينة تعز لحصار خانق منذ العام 2015، في ظل تعاطِ دوليِ يجعل فك هذا الحصار وتخفيف معاناة المدنيين فيها قضية فرعية، لا تحظَ سوى بالقليل من الاهتمام، مع وعود سرعان ما يتم التنصل عنها، ولا يتم الالتفات إلى هذا الملف إلا في بعض هوامش الجهود والمباحثات الدولية لإنهاء الحرب في اليمن، وبرغم أن تعز تعيش أقسى ظروف الحرب، وفيها تتجسد كافة ملامح الأزمة الإنسانية اليمنية، وتُرتكب فيها أكثر انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب؛ إلا أن إنهاء هذه المعاناة لم تتحول إلى أولوية لدى المجتمع الدولي، لا على مستوى الخطاب، ولا من حيث المساعي لإحلال السلام في اليمن، ولا يجري الاهتمام بما يحدث فيها من انتهاكات، ولا بتأثير الحصار على الأوضاع الإنسانية، وفي كل مرة يتم ذكرها من باب إسقاط الواجب لا أكثر.

وأضاف البيان : لاحظ الشركاء في هذه الحملة من كافة الفعاليات الحقوقية المحلية والإقليمية والدولية أن فكّ الحصار عن مدينة تعز جاء في هامش الجهود لإعلان الهدنة الإنسانية في اليمن منذ شهر، وبرغم أن بقية بنود وشروط الهدنة يجري العمل عليها باستمرار، وتتناولها وسائل الإعلام يومياً؛ إلا أن فك الحصار عن مدينة تعز ظل ولوقت طويل من الهدنة قيد الإهمال والتجاهل.

بحسب مركز تعز الحقوقي؛ فإن 3590 مدنيا قتلوا، وبينهم 761 طفلا و347 امرأة و289 مسنا، وأصيب 13736 آخرون، بينهم 3155 طفلا و1180 امرأة و764 مسنا خلال الأعوام من 2015، وحتى 2020، جراء أعمال القصف والقنص التي نفذتها جماعة الحوثي (أنصار الله) خلال هذه الفترة.

ووثق تحالف رصد مقتل وإصابة 366 طفلاً في تعز تتراوح أعمارهم بين عام واحد و17 عاما برصاص قناصة يتبعون جماعة الحوثي خلال الفترة من مارس 2015 وحتى أغسطس 2020.

وسجلت منظمة سام للحقوق والحريات مقتل (365) مدنياً، وإصابة وإعاقة أكثر من (345) مدنياً في محافظة تعز بالألغام اليت زرعتها جماعة أنصار الله (الحوثيين)،  وتكشف الأرقام الموثقة للمنظمة أن أغلب ضحايا الألغام كانوا من محافظة تعز في وسط اليمن بعدد (1355) بينهم ( 541) قتيلا و (8149) مصابا

ويتعرض المدنيون للاستهداف بنيران جماعة الحوثي (أنصار الله)، إما بالقصف المدفعي والصاروخي؛ أو بنيران القناصة المتمركزين على الجبال والتلال وأسطح البنايات المحيطة بالمدينة، وهذا الاستهداف يحدث دون تمييز بين الأطفال والنساء والعجزة والرجال والشباب، وراح ضحيته آلاف المدنيين، وتسبب بصعوبة حركة المدنيين ونزوحهم عن منازلهم حتى باتت العديد من الأحياء في أطراف المدينة خاوية، وتعرضت مبانيها للنهب بشكل كامل.

ويجري استهداف الناشطين والعاملين في منظمات وجهات الإغاثة والصحفيين والإعلاميين داخل المدينة إما بالقصف والقنص أو بالاغتيالات، لمنعهم من نقل الحقيقة وكشف وتوثيق الانتهاكات، أو تقديم المساعدات للمدنيين.

ويتمثل الحصار في انتهاك حرية التنقل، ومنع الحركة بين مركز المحافظة وأريافها والمحافظات الأخرى بإغلاق الطرقات والمنافذ الرئيسية والفرعية المباشرة، وبناء المتارس والحواجز وحفر الخنادق فيها، وتحويل مساراتها إلى طرقات وعرة وبعيدة وملتوية طويلة، ولم يبقَ أمام المدنيين للوصول إلى المدينة سوى منفذ رئيسي واحد، تم فتحه بعد معارك طويلة خلال العامين 2015 و2016، ويضطر المدنيون من كافة المناطق إلى الالتفاف في مسافات طويلة وطرق مزدحمة وغير معبدة للوصول إليه.

وتسبب هذا الحصار في توقف وصول المواد الأساسية والضرورية بما فيها المياه والأغذية والأدوية والمستلزمات الطبية، ويتم مصادرة المساعدات الإنسانية ومنعها من الوصول، ومنع منظمات وجهات الإغاثة وتقديم العون الإنساني من الوصول إلى المدنيين المتضررين من الحرب والحصار، ما أدى إلى شحة أو انعدام المواد الأساسية والضرورية في أسواق المدينة وارتفاع أسعارها مع تدني القدرة الشرائية للمواطنين الذين تقطعت بهم السبل، وخسر غالبيتهم مصادر دخولهم وأعمالهم، ومما فاقم الأمر أزمة المشتقات النفطية والغاز المنزلي.

ومن مظاهر الأزمة الإنسانية في تعز تدهور المنظومة الصحية وتردي الخدمات الطبية ما تسبب بزيادة معاناة المرضى، وعدم تمكنهم من الحصول على الرعاية الصحية الكافية.

ونظراً لعدم توفر مراكز لعلاج مرضى الفشل الكلوي في أرياف محافظة تعز؛ يتجشم أكثر من 200 من هؤلاء المرضى مشقة التنقل إلى المدينة لعمل جلسات غسيل الكلى بشكل دوري في تعز، ويضطرون لإنفاق مبالغ كبيرة وخوض عناء رحلات طويلة للوصول إلى مركز العلاج الوحيد الذي يعاني من نقص في المواد والأجهزة العلاجية.

وبسبب قلة الاجهزة في مركز الغسيل الكلوي؛ فإن المرضى قد يضطرون إلى تأخير جلساتهم لأيام عديدة، وهو ما يعني المزيد من تكاليف الإقامة في المدينة، والمعاناة المرضية لهم، وبحسب المعلومات المتوفرة من داخل مستشفى الثورة في تعز؛ فإن مركز الغسيل الكلوي يستقبل يومياً 88 حالة، وهو ما يمثل ضغطاً كبيراً عليه، ويمنع حصول المرضى على الرعاية الكافية.

ويتهدد المركز إمكانية التوقف عن العمل بسبب عدم توفر الوقود المشغل لمولدات المركز بعد انقطاع الكهرباء عن المدينة منذ العام 2015، وكانت منظمة الصحة العالمية توقفت منذ العام الماضي عن رفد المركز بالوقود، وما يزال المركز يتلقى معونات فاعلي الخير، والتي لا تكفي لتشغيل المركز بكامل معداته وأجهزته، حيث يحتاج المركز إلى الأدوية والمستلزمات الطبية وعمليات الصيانة الدائمة للأجهزة والمعدات، إضافة إلى الحاجة للتوسعة وزيادة قدرته على استقبال المرضى.

وتوفي 643 من مرضى السرطان في تعز خلال العام 2015، بسبب إغلاق الحوثيين مركز الأمل لعلاج مرضى السرطان، والذي كان يستقبل يومياً أكثر من 150 مريضاً، وأعيد فتح المركز لاحقاً بعد مغادرة الحوثيين المدينة؛ إلا أن المركز يعاني من نقص حاد في الأدوية وخاصة الكيماوية بسبب الحصار والحرب.

وتعد محافظة تعز من أكثر المحافظات اليمنية في أعداد المصابين بمرض السرطان، وخلال العام 2020 سجلت المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان 868 حالة، وبلغت الحالات المصابة بالسرطان المسجلة لدى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية بمدينة تعز 9365 إصابة منذ افتتاح المركز بالعام 2007، وقال المركز إن هناك ارتفاعًا غير مسبوق لحالات الإصابة بمرض السرطان مؤخرًا، ففي أغسطس الماضي فقط استقبل 100 حالة إصابة لأول مرة يسجلها في الشهر الواحد.

وبينما كانت الرحلة من مدينة المخأ على الساحل الغربي للبلاد إلى مدينة تعز تستغرق 3 ساعات فقط قبل حدوث الحصار؛ فإن هذه المسافة المقدرة بـ 65 كيلو متراً؛ تحتاج إلى أكثر من عشر ساعات في أحسن الظروف بسبب الحصار، وبدلا عن تكلفتها السابقة التي لم تكن تتجاوز ما يعادل 2000 ريال؛ أصبحت أجرة التنقل تزيد عن 13000 ريال قابلة للزيادة بحسب أسعار الوقود وما يطرأ من أحداث، ونفس الشيء ينطبق على التنقل من منطقة شرعب التي تعد إحدى أكبر أرياف محافظة تعز، أما منطقة الحوبان التي تعدّ أكبر ضواحي المدينة، وأكثرها نشاطاً اقتصادياً؛ فإن التنقل بينها وقلب المدينة لم يكن يستغرق أكثر من ربع ساعة، مع تكلفة لا تزيد عن 100 ريال؛ إلا أن الطريق المباشرة تم إغلاقها تماماً، وأصبح التنقل يحتاج إلى سلوك طرق بعيدة وطويلة وعرة ومزدحمة، وارتفعت التكلفة أكثر 20000 ريال، مع ما يرافق التنقل من هذه المناطق وغيرها إلى مدينة تعز من مخاطر وإمكانية قطع الطرقات الجديدة، واحتجاز المسافرين أو اختطافهم، أو تعرض المركبات للألغام.

أنهك هذا الحصار المدنيين في تعز، وتسبب في خسائر اقتصادية ضخمة، حيث تقدر خسائر السكان من مدخولاتهم ما يقارب 40 مليار ريال، إضافة إلى ما يزيد عن 500 ألف ساعة يقضونها في الطرقات، وزادت تكاليف الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية، واضطر الكثير منهم إلى السفر خارج المدينة للحصول عليها.

واعتبرت المنظمات الموقعة على البيان أن تعاطي المجتمع الدولي والتحالف العربي والحكومة اليمنية مع الأزمة الإنسانية في تعز إهمالاً بالغاً يلقي بتبعاته على عملية السلام في اليمن، ويقلل من فرص الوصول إلى حل سياسي جذري للأزمة، ويترك فتيل الحرب مشتعلاً، كما أن هذا الإهمال يساهم في تعميق انتهاكات حقوق الإنسان، وترك المدنيين فريسة لنيران الحرب والانفلات الأمني والمجاعة والمرض والفقر.

وجددت مطالبتها بأن يكون ملف حصار تعز والأزمة الإنسانية فيها في رأس أولويات جهود إنهاء الحرب، وعلى ضرورة وضوح وصراحة مواقف كافة الأطراف المعنية في هذا الشأن، وأن تتجسد هذه المواقف بإدانة الحصار، والضغط من أجل إنهائه، والتعامل مع هذه الأزمة بجدية واهتمام بالغين كما يحدث مع بقية العمليات الأخرى ضمن الهدنة الإنسانية المعلنة، مثل فتح مطار صنعاء، وتوحيد العمليات المصرفية، والتوجه لبدء المفاوضات والمشاورات، وينبغي فك الحصار عن مدينة تعز دون قيد أو شرط.

محذرة ؛ من أن أي عملية لا ينتج عنها إنهاء حصار تعز والأزمة الإنسانية فيها؛ محكوم عليها بالفشل سواء في المدى المنظور، أو في المدى الأبعد، حيث أن مدينة ومحافظة تعز جزء لا يتجزأ من اليمن، واستمرار هذه الأزمة سيلقي بظلاله على مستقبل البلاد أياً كانت ملامحه.

صادر عن المنظمات الحقوقية الاتية:

  1. المركز الأميركي للعدالة (ACJ)
  2. منظمة سام للحقوق و الحريات
  3. مؤسسة دفاع للحقوق والحريات
  4. مركز تعز الحقوقي
  5. منظمة رايتس رادر
  6. منظمة مساواة للحقوق والحريات
  7. مركز الإعلام الثقافي
  8. المنظمة الوطنية لتنمية المجتمع
  9. منظمة ميون لحقوق الإنسان والتنمية
  10. مؤسسة قرار للإعلام والتنمية
  11. مركز الدراسات الاستراتيجية لدعم المرأة والطفل
  12. المرصد اليمني للألغام
  13. منظمة من أجل يمن جديد
  14. منظمة مناصرة للتنمية وحقوق الإنسان
  15. منظمة تقصي للتنمية وحقوق الإنسان
  16. منظمة شهود لحقوق الإنسان
  17. منظمة مناصرة للتنمية وحقوق الإنسان
  18. منظمة الجوف للحقوق وحريات الإنسان
  19. منظمة رقيب لحقوق الإنسان
  20. الشبكة اليمنية لمكافحة الألغام
  21. مبادرة كوني قوية
  22. مبادرة سام للسلام و حقوق الانسان
  23. مركز مرايا للإعلام والتنمية
  24. مؤسسة تمكين المرأه اليمنية
  25. رابطة الإعلام التنموي
  26. رابطة أمهات المختطفين
تابعنا في Google News
زر الذهاب إلى الأعلى