دكان الكفر

كتب / محمود ياسين

انت تريد تحويل لحظة طيرفة إلى موقف من الدين الفهنة بضاعة إنسانية وليست سلعة حصرية لا توجد الا في دكان الكفر .

افتهن يا علي ودع للناس دينهم ،الدين الذي يبقيهم بأمان ولا يحول بينهم وبين الحياة ،اليمنيين تحديدا وفي حال تخلوا عن دينهم سيكونون قد تخلوا عن حياتهم .

هذا الذي تقوله بشأن السماوات والكون الشاسع وتساؤلات : اين الله إذن ؟ وكانك فقط ترد على من يقال عنهم فرقة ” المشبهة ” الذين يحددون مكانا لإله الكون وخالقه ويحددون له كرسي انتزعوه من تصوراتهم عن كراسي الملوك والأباطرة التي في أذهانهم ،ثم ان هذه المحاججة بدائية يا علي حتى بالنسبة لتاريخ الإلحاد ،هذه محاججة ابن شيخ نزل عدن في السبعينات وقرأ كتاب رأس المال وعاد إلى قريته في ريف إب ليخوض مع والده معركة ليرغمه على توزيع اراضيه بين المزارعين .

يا علي فكرة الكون ومن خلقه تبقى سؤالا فيزيائيا لا شان له بالدين ،الأديان إن كانت صناعة بشرية فهي كذلك حقا وهذا لا ينال منها ،ذلك انها صناعة ضرورية احتاجها العقل البشري السوي وهو يبحث عن إجابة لسؤال عقلاني ومنطقي للغاية : من خلقني ومن أوجد الأرض والسماء ؟ وبالتالي هذه التي تقول عنها صناعة بشرية هي صناعة استجابة للمنطق والبحث عن أجوبة لسؤال الوجود الأهم ،وافصاح عن سلامة العقل وجدارته بالتقدير وليس العكس .

صناعة ليست بالمعنى الارتجالي وابتكار إله يعيشون به وبرعايته من قبيل الحاجة ،لكنها هنا مسألة نتيجة بحث إنساني عن تفسير للوجود،الوعي البشري بوصفه انعكاس حتمي لوجود وعظمة الخالق .

الإبراهيمية وهي جذر الأديان الثلاثة بدأت ببحث ،عبد الصنم ثم الشمس ثم القمر ،بحث مضني انتهى به للتوحيد ،خالق كل شيئ و لا تدركه الأبصار ،وهذا هو ما يعنيه الفيزيائيون بالعقل الأعظم .

ساعود معك لأبجد الإلحاد والإيمان وإعادة كلام قد تبادله البشر العاديون والفلاسفة والتجريبيون منذ القدم ،وهي ان للكون صانع ،الكتلة والطاقة وهذه النسب الدقيقة لعلاقة الجاذبية بحركة الأفلاك ومايقال عنه مؤخرا المعادلة الضابطة لهذا كله ،نلك المعادلة هي اله الفيزيائيين ،الفيزيائيين هم نخبة النخبة ،والمعادلة هي العقل الأعظم يا علي ،وهذه المقاربة عادية وبسيطة ومتداولة ولقد اجتذبتنا لهذا النقاش البدائي في لحظة طيرفة تسعى لتحويلها لمعتقد جديد هو مزيج من الرغبات .

الجنسانية ليست نظاما فكريا حديثا وشكلا من التقدم ،ولقد تم تجريب الانفلات الجسدي عقب الحرب العالمية الثانية في سياق تجارب جماعية ،في فرنسا تحديدا حيث يعتقد الفرنسي أن استعراض مؤخرته والتجول بها مكشوفة للمارة هو شكل من مهمة ثقافية في معركة الفرنكفونية ،وقبلها وأثناء ها اختبر جيل بأسره تجربة العري وتكونت مجتمعات صغيرة عارية بقيت لسنوات هكذا مغلقة على مجاميع من العراة جربوا هذا القدر من فكرة اطلاق العنان حتى الأقاصي ،لكنهم لم يجدوا شيئا ذا بال ،وانتهى بهم الأمر للسأم والحنين لحياتهم السابقة .

ليس نفاقا يا علي ،اخفاء الرغبات ليس نفاقا ،لكل انسان نزعاته وفي ذهن كل منا نساء وتهويمات لكنهن لسن لنا ،وليس حق أي منا الإفصاح عن كل ما يتنازعه من رغبات بوصف ذلك شكلا من تكريم انسانيته على هذا النحو .

سيتضرر شعبنا كثيرا في حال وجدت من يتبعك ويتخذك ملهما ،وهو لا يفرق بين حاجة اللحظة وتاريخ شعب يمثل الدين ملامحه وانت تخمش بأظافرك المتلاعبة المرحة هذا الوجه .

الإلحاد مشروع قاسي يا علي ،قاسي ومرير ،ولقد خاضه أناس مدفوعين بضراوة التصورات ومواربات وايماءات التجربة وما يعتقدونه العلم ،بينما تخوضه انت بشكل من الاستظراف ولم تحاول إلى الآن مغافلتنا ولو قليلا ببناء منطق الحادي متماسك.

الخروج على ما نرفضه والتمرد على مايكبلنا هما حق إنساني ،حقك التخلص من جلادك لكن لا يمكنك التخلص من جلدك .

من صفحة الكاتب في الفيسبوك

تابعنا في Google News
زر الذهاب إلى الأعلى