ساعات حاسمة قبيل انتهاء الهدنة في اليمن ونداءات دولية لتجديدها

الانباء اونلاين – توفيق علي:

قبيل أقل من يومين على انتهائها تسعى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى تمديد الهدنة في اليمن لنصف عام أخرى للتخفيف من الآثار الإنسانية الصعبة وفتح أفق جديد لمساعي الحل السياسي المستدام عقب ثماني سنوات من الاقتتال الدامي الذي خلق واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

ولاستمرار السلام الذي دام ستة أشهر بعد تجديد الهدنة مرتين متتاليتين لأول مرة منذ بدء الانقلاب الحوثي في عام 2014، دعت 44 منظمة إنسانية ودولية عاملة في اليمن، الخميس، أطراف النزاع إلى تمديد وتوسيع الهدنة التي تنتهي، الأحد، مذكرة إياهم بأن “مستقبل الشعب اليمني في أيديهم”.

وقالت المنظمات في بيان مشترك إنه “خلال الأشهر الستة الماضية شهدنا انخفاضاً بنسبة 60 في المئة في عدد الضحايا، ومع اقتراب الهدنة الحالية من نهايتها فنحن أمام لحظة حاسمة لشعب اليمن”.

ومن بين المنظمات الموقعة على البيان أوكسفام والمجلس النرويجي للاجئين ومنظمات دولية أخرى عاملة في اليمن.

وأعلنت الأمم المتحدة في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي بدء سريان هدنة عسكرية وإنسانية في اليمن لمدة شهرين قابلة للتجديد تشمل إيقاف العمليات الهجومية والسماح بدخول 18 سفينة مشتقات نفطية إلى ميناء الحديدة وتسيير 16 رحلة تجارية عبر مطار صنعاء.

البناء على المكاسب

وعلى طريق المعالجات العاجلة للوضع الإنساني الذي خلفه الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران، أكدت المنظمات أن “تمديد الهدنة لفترة أطول سيكون الخطوة الأولى لمواصلة البناء على المكاسب التي تحققت خلال الأشهر الستة الماضية وخلق الاستقرار اللازم لتقديم مساعدات طويلة الأمد”.

وتمكنت الهدنة من وقف القتال واتخاذ تدابير تهدف إلى التخفيف من الظروف المعيشية الصعبة للسكان.

وعلى رغم التحركات الدولية فإن الحكومة الشرعية والمجتمع الدولي يتهمان الحوثيين بعدم الجدية في تمديد السلام واستشعار معاناة ملايين الجياع والمشردين والنازحين “خدمة للمصالح الإيرانية”.

ولهذا حذرت المنظمات من أنه “إذا بدأ الصراع من جديد الآن، فإنه لا يخاطر فقط بتدمير المكاسب التي تم تحقيقها بالفعل، بل يهدد التنمية المستقبلية لليمن”.

وشمل اتفاق الهدنة التي تنتهي الأحد السماح بتنظيم رحلات تجارية من مطار صنعاء الدولي الذي كان يستقبل فقط طائرات المساعدات منذ 2016، مما مثل بارقة أمل لملايين المدنيين.

ويدور نزاع في اليمن منذ عام 2014 بين المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران وقوات الحكومة يساندها تحالف عسكري بقيادة السعودية. وتسببت الحرب في مقتل مئات الآلاف بشكل مباشر أو بسبب تداعياتها، وفق الأمم المتحدة.

تعز كلمة السر

وعلى رغم نجاح الهدنة في خفض التصعيد بشكل كبير، فإن الطرفين تبادلاً الاتهامات بخرق وقف إطلاق النار وعدم تنفيذ الالتزامات، خصوصاً ما يتعلق برفع حصار المتمردين عن مدينة تعز (جنوب غربي اليمن) التي تعد ثالث أكبر مدينة يمنية يسكنها نحو 600 ألف شخص، وتخضع لسيطرة القوات الحكومية، لكن المتمردين يحاصرونها منذ سنوات، ويقصفونها بشكل متكرر.

واستحدث سكان المدينة طرقاً بديلة مع إغلاق جميع الطرق التي تربطهم بالمحافظات المجاورة.

وتؤدي حواجز الطرق والتحويلات العديدة إلى مضاعفة كلفة النقل أربع مرات وتعقيد إيصال المساعدات الإنسانية وتحول دون الوصول إلى الخدمات الأساسية.

يقول نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، دييغو زوريلا، إن الهدنة حسنت الوضع “في كثير من الجوانب، لكن الحياة تبقى صعبة للغالبية العظمى من السكان”.

وأضاف “من وجهة نظر إنسانية، فإن تجديد الهدنة في 2 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل هو واجب أخلاقي”، مشيراً إلى أن “حل النزاع وحده سيسمح للاقتصاد بالتعافي، وسينتشل الناس من الفقر ويقلل الحاجات الإنسانية”.

ويخوض مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ جهوداً من أجل تمديد الهدنة، ويأمل اليمنيون والمجتمع الدولي أن تنتهي بإعلان موافقة أطراف الحرب خلال الساعات المقبلة.

لا نية للسلام

وبات السلام في اليمن على محك الاشتراطات الجديدة التي تحدث عنها الفاعلون الرئيسون في المشهد، مؤكدين تعنت الميليشيات المدعومة من إيران كما جرت العادة، مما ينذر بعودة اشتعال آلة الحرب. إذ تتهم الحكومة الشرعية ميليشيات الحوثي بالهرب من الالتزامات التي عليهم قبيل التوقيع على الهدنتين السابقتين وهو ما يعني “عدم جدية الميليشيات لدعوات السلام”.

ويرى الأستاذ في جامعة أوتاوا الكندية توماس جينو أنه على المدى الطويل، فإن الهدنة “لم تقم بأي تغيير جوهري” مشيراً إلى أنها “فشلت في بعض الجوانب” كون “هدفها كان طموحاً للغاية لرؤية تقدم في مفاوضات السلام”.

ويضيف “من جانب الحوثيين لا توجد رغبة جدية في التفاوض والقيام بتسوية مع الحكومة”.

أما بالنسبة إلى الجانب الحكومي، فيقول جينو إن “الخلافات بين الفصائل التي تحارب الحوثيين تتسع، وازدادت حدة التوترات وأصبحت عنيفة في عديد من الحالات”.

وعلى رغم أن هذا المتخصص في الشأن اليمني يعتقد أن “من العبث تجديد هدنة غير مجدية ولا تقوم سوى بتأخير عودة العنف المتزايد”، لكنه يضيف “لا أرى أي بديل آخر”.

السلاح الإيراني

وفي حين تتواصل المساعي الدبلوماسية الدولية الحثيثة التي تقودها الأمم المتحدة الرامية إلى وقف الحرب، تستمر الميليشيات الحوثية في استعراض مشروعها المسلح متوعدة اليمنيين والإقليم والعالم بالاستمرار في فرض مشروعها الطائفي.

ودانت الولايات المتحدة والسعودية وبريطانيا والإمارات “المجموعة الرباعية” الهجمات الحوثية الأخيرة، قائلة إنها تهدد بعرقلة الهدنة في اليمن، وهو ما تحدث عنه رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي الذي أكد أن الحوثيين لا يأبهون للسلام في اليمن خدمة لمصالح إيران، تبعه تصريح لوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان أكد خلاله أن “هناك دلائل على أن الحوثيين لن يوافقوا على تمديد الهدنة”.

وإزاء التصعيد الحوثي الذي بلغ حد إقامة عروض عسكرية عدة استعرض خلالها مسيراته المفخخة وصواريخه الباليستية إيرانية الصنع التي يستخدمها في حربه ضد اليمنيين ودول الجوار، أفاد بيان مشترك بأن اجتماعاً للأطراف الأربعة دان التعزيزات العسكرية الواسعة النطاق للحوثيين والهجمات التي هددت بعرقلة الهدنة، بما فيها تلك التي شنها الحوثيون على تعز جنوب غربي اليمن.

وأعربت الدول الأربع عن دعمها الكامل لجهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانس غروندبرغ لتمديد الهدنة وتوسيعها، إضافة إلى التنفيذ الكامل لجميع شروطها.

وفي رد على تلك المساعي أعرب الحوثيون من جانبهم عن رفضهم لما صدر عن مجموعة الرباعية في شأن اليمن، وفي بيان أصدرته ما تسمى “وزارة الخارجية” في حكومة الحوثيين بصنعاء، اتهمت بيان الرباعية بالتحيز للحكومة الشرعية.

مطالب جديدة

وفي موقف يكشف عن تنصلهم من الالتزامات، أكد العليمي أن الحوثيين يقدمون مطالب وشروطاً جديدة للموافقة على التمديد، في حين لم ينفذوا المطالب والالتزامات السابقة، في إشارة إلى رفضهم فتح الطرق في تعز المحاصرة منذ سنوات ووقف تصعيدهم العسكري، موضحاً أن “الهدنة قامت على عناصر رئيسة، الأول فتح مطار صنعاء ودخول المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة وفتح الطرق في تعز”.

ولهذا حذر خلال جلسة نقاش مع معهد الشرق الأوسط في العاصمة واشنطن أقيم الأسبوع الماضي من أن “الوضع الإنساني في اليمن كارثي بسبب الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران”.

الرئيس العليمي وهو يلخص صورة الدمار الرهيب الذي حل ببلاده عقب ثماني سنوات من الحرب الدامية، يرجع أسبابه إلى أن “ميليشيات الحوثي تغلب مصالح إيران على مصالح الشعب اليمني”، مجدداً اتهام طهران “بتصدير كل ما هو مدمر” إلى بلاده، ودعمها للحوثيين بالأسلحة عبر تهريبها ومحاولة توسيع نفوذها في المنطقة، مؤملاً على “دور المجتمع الدولي في الحد من تدخلها”.

وقال إن “إيران تدخلت في شؤون اليمن على رغم أنها تبعد منه أربعة آلاف كيلومتر، وصدرت له ملايين الألغام والصواريخ الباليستية والمسيرات، وزعزعت الاستقرار وحولت البلاد إلى مركز للتوسع وتصدير الثورة وإيذاء الجيران”.

كان المتحدث باسم ميليشيات الحوثي محمد عبدالسلام تحدث في مقابلة تلفزيونية مع قناة “العالم الإيرانية” تضمنت للمرة الأولى إقراراً بدعم إيراني مباشر للجماعة في مجال التصنيع العسكري وغيره.

نقلا عن اندبندنت عربية

زر الذهاب إلى الأعلى