محطات من حياة الشهيد مجاهد الجبر
كتب/ عبد الغني الجبر
بطلب من الكثير من الأصدقاء،أكتب هذا المقال المتواضع عن حياة أخي الشهيد مجاهد علي الجبر ،وأسرد في هذه الأسطر المحدودة بعضاً من مناقبه ،واُجيب فيها عن العديد من الأسئلة التي تلقيتها عن شخصيته وعن بعض محطات حياته.
كان الشهيد مجاهد علي الجبر المولود في العام 1965، شاباً طموحاً وإنساناً متفائلاً دائماً ،يتطلع إلى المستقبل بإيجابية،ولا شيء مستحيل في حياته ، فهو يسعى ويجتهد ويثابر بعزيمة وإصرار حتى يحقق ما يرجوه ويصل إلى مايسعى إليه .
عن شخصيته : كان يتمتع بشخصيةٍ قياديةٍ فريدة ،وحضور كاريزمي قوي ومؤثر عند كل من عرفوه ،أو التقوا به، أو حاورهم وحاوروه ،فقد كان يرحمه الله مجيداً لفن الحوار بطلاقة ومتقناً لفن الإقناع بجدارة ويعتمد في حواره وإقناعه على الحجة والمنطق لا التسلط وفرض الرأي .
فقد أستلهم معظم صفات شخصيته من والده الشيخ علي بن أحمد الجبر، واستفاد كثيراً من خبرة ومعرفة عمه الشيخ يحيى أحمد الجبر ،واستمع جيداً لتوجيهات أخيه الشيخ أحمد علي الجبر ،ولم يغفل يوماً نصائح والده الشيخ علي عبدالله المقداد، أو يتجاهل في يوم من الأيام مشورة أخيه الأستاذ صالح الجبر ،فشكّل بهذا المزيج الاجتماعي والثقافي والفكري والمعرفي الذي أحاط به شخصية إستنائية عُرف بها الشهيد وتفرد بها عن غيره.
وعن طبعه.. عرفه الناس بسيطاً في طبعه ،ومتواضعاً في تعامله ،وراقياً في أخلاقه ،وكريماً في عطائه، ومتسامحاً مع من أساء اليه أو أختلف معه ،ولا يعرف الحقد طريقاً إلى قلبه ، أحب الناس وأحبوه وألِفهم وألِفوه وتعايش معهم بكل فئاتهم ومختلف إنتمآتهم.
أما عن إسهاماته وإنجازاته، فلديه الكثير من الإسهامات الواضحة والإنجازات الكبيرة التي حققها في حياته، والعديد من البصمات الملموسة التي تركها في مجتمعه على مستوى قبيلة آنس عموماً ومديرية جبل الشرق بشكل خاص ،وشملت كافة المجالات أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر مايلي :
في المجال السياسي …إنخرط الشهيد مجاهد علي الجبر في هذا المجال مبكراً والتحق بعضوية اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام في عام 1988م.
وأدار الحملات الإنتخابية لمرشحي حزب المؤتمر بكفاءة وإقتدار في أول إنتخابات نيابية جرت في عام 1993م على مستوى مديريات قبيلة آنس، فكان له دور أساسي ومحوري في نجاحهم.
وكان له العديد من المشاركات في مؤتمرات دولية عقدت في صنعاء عن ( اليمن والسودان الصومال وجيبوتي) وكان مهتماً جداً بحضور المناقشات والإطروحات العلمية والندوات السياسية والفكرية وإثرائها بآرائه ومداخلاته.
وفي المجال الشبابي أسّس الشهيد الحركة الشبابية في مديرية جبل الشرق وأستوعب الكثير من شباب المديرية في نادي جبل الشرق الذي أسّسه وكان تأسيسه يمثل باكورة العمل الشبابي في المديرية.
ودعم الكثير من شباب المديرية في حياته،وتفاعل معهم ومع قضايهم ،وساهم في حل العديد من مشاكلهم ،وشجع الطلاب على مواصلة تعليمهم و تحقيق أحلامهم وساعد العديد منهم على إكمال دراستهم الجامعية في الداخل والخارج ،فكان لشباب مديرية جبل الشرق خير مسانداً ،ولطلابها خير داعماً بالمال والتشجيع ومتابعة المنح الدراسية لهم في الداخل والخارج.
وفي المجال الاجتماعي.. كان له صوت مسموع ،ورأي يحترم ومكانة خاصة يتمتع بها عند جميع مشائخ قبيلة آنس بلا إستثناء، وكان دائم التواصل والتشاور معهم في الكثير من قضايا القبيلة ومشاكلها.
ويمتلك الشهيد مجاهد الجبر أيضاً، شبكة علاقات واسعة مع عدد كبير من مشائخ اليمن ووجهائها وقادة سياسيين وعسكريين مهمين، مكّنته من القيام بالدور المهم الذي لعبه خلال الفترة القصيرة من حياته.
وكان له أيضاً دوراً بارزاً ومهماً في إنعقاد مؤتمر قبيلة بكيل الذي عقد في مديرية جهران بمحافظة ذمار عام 1993م ، فمثّل حلقة الوصل ونقطة الإلتقاء بين كبار مشائخ قبيلة بكيل وفي مقدمتهم الوالد الشيخ المرحوم علي عبدالله المقداد والشيخ أحمد علي المطري والكثير من المشائخ البارزين والمؤثرين حينها،وتكلّلت جهوده بنجاح إنعقاد آخر مؤتمر لقبيلة بكيل حينها رغم الصعوبات والكثير من الضغوطات لإفشال إنعقاده.
وفي الجانب الاجتماعي أيضاً وعلى مستوى مديرية جبل الشرق.. شكّل الشهيد مجاهد الجبر تكتلاً شبابياً ضم فيه خيرة شباب المديرية،ومثّل فيه مختلف قرى وعزل المديرية، وأسند إليه مهمة حل العشرات بل المئات من القضايا الاجتماعية في المديرية .
وضم هذا التكتل الذي كان الشهيد على رأسه كلاً من الدكتور حميد البحري والفندم أحمد نسر والأستاذ علي محسن سقل والمهندس فرحان نشوان والشيخ حميد جوين والدكتور أمين الجبر والدكتور نبيل الحماطي والصحفي أحمد يحيى الجبر والشيخ محمد الرشيدي والشيخ هلال الرشيدي والاستاذ ناجي الفقيه والدكتور عبد القوي فلاح والدكتور محمد مهدي العطاء والفندم محمد صبر والفندم أحمد الحيسة ،والكثير من الأسماء التي لا أستحضرها الآن .
فكان هذا التكتّل الشبابي تجربة اجتماعية ناجحة وفريدة، وكان هؤلاء الشباب المنضويين في إطاره ،قدوة حسنة للكثير من شباب المديرية من بعدهم من الجيل الصاعد .
وأخيراً في المجال العسكري التحق الشهيد مجاهد علي الجبر بالكلية الحربية في عام1987، بعد أن أدى خدمته الوطنية بعد الثانوية العامة مدرساً في مدرسة أنس بن مالك بالجمعة عام 1986م.
وأتم دراسته العسكرية الجامعية في الكلية الحربية وتخرّج منها عام 1990م في الدفعة الثامنة عشر ، لتبدأ بعدها مسيرته في السلك العسكري متنقلاً بين العديد من الألوية و الوحدات العسكرية التي خدم فيها حتى تاريخ إستشهاده عام 1994م.
فكانت بداية مسيرته العسكرية من الفرقة الأولى مدرع الذي التحق بها بعد تخرّجه من الكلية الحربية عام 1990 ،ثم أنتقل إلى اللواء الأول في محافظة عمران عام 1992 وهناك شارك في المعارك ضد الإنفصاليين في بداية تحركهم ،قبل أن ينتقل إلى معسكر ضبوة فعمل هناك عمليات المعسكر.
وأخيراً انتقل إلى لواء المجد بمحافظة الحديدة بطلب من قائد اللواء حينها الوالد اللواء حسين محسن المقداد فعمل فيه في العديد من المناصب حتى تاريخ إستشهاده في منطقة الحبيلين بمحافظة الضالع عام 1994م وهو في مهمة إستطلاعية للواء المجد أثناء حرب الإنفصال .
حصل أخي الشهيد النقيب/ مجاهد علي الجبر على «وسام الشجاعة» وهو أعلى الأوسمة العسكرية في الجيش اليمني، وقد سلّمه رئيس الجمهورية السابق والقائد الاعلى للقوات المسلحة اليمنية حينه المشير الركن / علي عبدالله صالح، لأخي الشيخ أحمد علي الجبر بعد استشهاده
ونشرت مجلة المقاتل الصادرة عن دائرة التوجيه المعنوي في القوات المسلحة اليمنية، تقريرا عنه أشادت فيه ببطولاته وسلّطت الضوء على بعض محطات حياته.
وأختتم هذا المقال بنشر ماعثرت عليه من صور احتفظ بها في إرشيفي توثق مراحل مختلفة في حياته.