كل ما تريد معرفته عن قائد حماس الذي أرعب إسرائيل وأذل أجهزة مخابراتها وفضح إعلامها «تقرير»
الأنباء أونلاين – متابعات :
أعلنت حركة حماس مساء اليوم الجمعة عن استشهاد رئيس مكتبها السياسي وقائد معركة طوفان الأقصى الشهيد القائد يحيى السنوار، ونعته بشكل رسمي في بيان تلاه رئيس الحركة في قطاع غزة القائد خليل اللحية في تسجيل متلفز.
وجاء هذا الإعلان بعد يوم من إعلان إسرائيل عبر عدة بيانات رسمية صدرت عن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه ورئيس أركان جيشه، أكدت جميعها تمكنها من اغتيال القائد يحيى السنوار بعد نحو عام وعشرة أيام.
وبين الإعلانين، نشر الإعلام العبري معلومات وصور وفيديوهات مهمة كشفت أن السنوار استشهد وهو في حالة اشتباك مباشر مع قوات الاحتلال في الخطوط الأمامية للمعركة في مدينة رفح، حتى ارتقى شهيدًا بعد إصابته بقذيفة دبابة استهدفته دون معرفتها لهويته، قبل أن تكتشف إسرائيل مصادفة أن من قتلته هو القائد يحيى السنوار بعد يوم من استشهاده.
لتدحض هذه الرواية التي نشرها الإعلام العبري بنفسه السردية الإسرائيلية التي ظل جيش الاحتلال الإسرائيلي يروج لها على مدى أكثر من عام من العدوان على غزة، وزعم أكثر من مرة كاذبًا أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار كان يختبئ في الأنفاق، يحيط به عدد من الأسرى الإسرائيليين.
فقد ظهر القائد السنوار في هذه الصور والفيديوهات المتداولة على نطاق واسع في الإعلام الإسرائيلي وهو مرتديًا بزته وجعبته العسكرية ويخوض آخر معاركه مع الاحتلال ويشتبك مع قواته وجهًا لوجه حتى استشهاده، وهو ما اعتبره مراقبون انتكاسة جديدة لتل أبيب فضحت سرديتها بأن زعيم حماس يختبئ تحت الأرض.
لتضيف هذه الصور والفيديوهات انتصارًا جديدًا إلى سجله الحافل بالكثير من الانتصارات، وترسخ في الأذهان قائدًا استثنائيًا مرغ أنف إسرائيل وكسر غرورها، وهزم جيشها الذي لا يقهر، وأذل أجهزة مخابراتها، وتفوق عليها أكثر من مرة.
واستمرت هزائم السنوار لإسرائيل وجيشها وأجهزة مخابراتها حتى آخر يوم في حياته، بعد أن فشلت جميعها في الوصول إليه عبر معلوماتها الاستخباراتية، طوال 377 يومًا من عدوانها، إلى حين أعلنت الأربعاء الماضي أنها قتلت ثلاثة من كتائب القسام، ليتبين بعدها بمحض الصدفة أن أحد الشهداء هو السنوار.
حركة حماس كذبت مرارًا وتكرارًا المزاعم الإسرائيلية بشأن السنوار، وأكدت اليوم وبشكل رسمي في بيان نعيها له أن القائد السنوار هو القائد الفعلي لمعركة طوفان الأقصى.
وقبلها قالت مصادر في حركة حماس إن القائد الشهيد يحيى السنوار لم يكن مختبئًا في الأنفاق كما تروج إسرائيل، بل كان هو القائد الميداني المشرف على المعارك في مختلف محاور القطاع خلال عام كامل من الحرب الإسرائيلية على غزة.
وأوضحت هذه المصادر أن القائد السنوار هو من أدار معركة خانيونس، وشارك في الاشتباكات مع قوات الاحتلال، ونفذ عمليات تفجير لآلياته في هذه المعركة التي استمرت نحو 3 أشهر عقب اجتياح قوات الاحتلال للمدينة مطلع العام الجاري.
مؤكدة أن الشهيد القائد يحيى السنوار اختار أن يظل مشتبكًا مع قوات العدو في الميدان حتى استشهاده في المعركة التي تتواصل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
فمن هو يحيى السنوار؟
وُلِدَ يحيى إبراهيم حسن السنوار عام 1962 في مخيم خانيونس للاجئين الفلسطينيين جنوبي غزة.
تعود أصول عائلة السنوار إلى مدينة المجدل، الواقعة جنوب فلسطين المحتلة، حيث هُجِّروا منها قسراً عام 1948.
انضم السنوار منذ صغره لجماعة الإخوان المسلمين، ودرس في الجامعة الإسلامية في غزة، حيث حصل منها على درجة البكالوريوس في اللغة العربية.
وخلال دراسته الجامعية، ترأس “الكتلة الإسلامية”، الذراع الطلابي لجماعة الإخوان.
في عام 1985، أسَّس السنوار الجهاز الأمني لجماعة الإخوان المسلمين، الذي عُرِفَ باسم “المجد” آنذاك.
وكان عمل الجهاز يتركز على مقاومة الاحتلال الإسرائيلي في غزة، ومكافحة المتعاونين معه من الفلسطينيين.
ساعده النشاط الطلابي على اكتساب خبرة وحنكة أهلته لتولي أدوار قيادية في “حماس” بعد تأسيسها عام 1987.
في عام 1982، اُعْتُقِلَ السنوار لأول مرة، ثم أُفْرِجَ عنه بعد عدة أيام، ليعاود اعتقاله مجددًا في العام ذاته، وحينها حُكِمَ عليه بالسجن لمدة 6 أشهر بتهمة “المشاركة في نشاطات أمنية ضد إسرائيل”.
وفي 20 يناير/كانون الثاني 1988، اعتقلت إسرائيل السنوار وحكمت عليه بالسجن مدى الحياة، أربع مرات بالإضافة إلى ثلاثين عامًا، بعد أن وجَّهت له تهمة “تأسيس جهاز (المجد) الأمني، والمشاركة بتأسيس الجهاز العسكري الأول للحركة، المعروف باسم (المجاهدون الفلسطينيون)”.
قضى السنوار 23 عامًا متواصلة داخل السجون الإسرائيلية، وخلال فترة اعتقاله تولى قيادة الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس في السجون لدورتين تنظيميتين.
وساهم في إدارة المواجهة مع مصلحة السجون خلال سلسلة من الإضرابات عن الطعام، بما في ذلك إضرابات أعوام 1992 و1996 و2000 و2004.
حاول الهروب من سجنه مرتين، الأولى حين كان معتقلاً في سجن المجدل بعسقلان، والثانية وهو في سجن الرملة، إلا أن محاولاته باءت بالفشل.
تعرض لمشاكل صحية خلال فترة اعتقاله، إذ عانى من صداع دائم وارتفاع حاد في درجة الحرارة، وبعد ضغط كبير من الأسرى أُجريت له فحوصات طبية أظهرت وجود نقطة دم متجمدة في دماغه، وأُجريت له عملية جراحية على الدماغ استغرقت 7 ساعات.
أُطْلِقَ سراحه ضمن صفقة تبادل الأسرى بين “حماس” والاحتلال الإسرائيلي عام 2011، التي عُرِفَت باسم “صفقة شاليط” أو صفقة وفاء الأحرار.
وعقب خروجه من السجن شارك السنوار في الانتخابات الداخلية لحركة حماس عام 2012، وفاز بعضوية المكتب السياسي للحركة، وتولى مسؤولية الإشراف على الجهاز العسكري “كتائب القسام”، وقيادة الحركة في القطاع منذ 2017.
وعقب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في 31 يوليو/تموز 2024، أعلنت حركة حماس تكليف السنوار بقيادة الحركة.
اتخذت الإدارة الأمريكية مواقف متشددة تجاه يحيى السنوار، فأدرجته في سبتمبر/أيلول عام 2015 ضمن لائحة “الإرهابيين الدوليين”.
أما إسرائيل فتتهمه بأنه المهندس الفعلي لهجوم “طوفان الأقصى”، الذي نفذته كتائب القسام في 7 أكتوبر 2023 بالتوغل لأكثر من 400 كيلو في مستوطنات غلاف غزة، والذي أسفر عن مقتل وإصابة آلاف الإسرائيليين، وأسر مئات آخرين.
لهذا السبب فقد وضعت تل أبيب التخلص من السنوار واحدًا من أهم أهدافها الاستراتيجية للحربها على غزة، وأدرجت اسمه على رأس قائمة المطلوبين للتصفية.
لكنها تراجعت عن هذا الهدف بعد فشل قواتها في الوصول إليه استخباراتيًا، فقدمت الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية عرضًا للسنوار لإخراجه من قطاع غزة ضمن صفقة لوقف إطلاق النار في القطاع، الأمر الذي رفضه رفضًا قاطعًا واستمر في الاشتباك.
ولتبرير هذا الفشل الذريع لجأت الحكومة الإسرائيلية لاختلاق الكثير من الأكاذيب والمزاعم الباطلة عن السنوار والترويج لها على نطاق واسع، من ضمنها أنه يختبئ في الأنفاق تحت الأرض ويستخدم الأسرى الإسرائيليين دروعًا بشرية.
وهو ما نفتها وسائل إعلامية إسرائيلية وعالمية، ونشرت معلومات وصورًا وفيديوهات سربها لها جنود إسرائيليون من الميدان تكذب الرواية الإسرائيلية الرسمية بشأن السنوار، كما فعلت صحيفة يديعوت أحرونوت بنشرها أمس فيديو مسرب يوثق اللحظات الأخيرة للسنوار قبل استشهاده.
وقبلها بأشهر، نشرت صحيفة “هآرتس” شهادات لأسرى إسرائيليين أفرج عنهم في صفقات التبادل السابقة، أكدت أن السنوار التقى ببعضهم خلال فترة احتجازهم في غزة، وتحدث معهم باللغة العبرية مطمئنًا إياهم.