ورقة بحثية تحذر: إيران تعزز من وجود الحوثيين بالضفة الغربية للبحر الأحمر

الأنباء أونلاين – متابعات:
كشفت ورقة بحثية لمركز المخا للدراسات الاستراتيجية عن التمدد المتزايد لجماعة الحوثي في الضفة الغربية للبحر الأحمر، مؤكدة أن هذا الوجود يشكل تهديداً كامناً لأمن المنطقة والملاحة الدولية، خاصة في ظل تصاعد الهجمات الحوثية على السفن منذ أكتوبر 2023.
وحذرت الورقة البحثية، التي أعدّها الباحث أنور قاسم الخضري” من تصاعد التهديدات التي تمثلها جماعة الحوثي المدعومة من إيران، وذلك من خلال حضورها المتنامي على الضفة الغربية للبحر الأحمر، في كل من السودان وإريتريا وجيبوتي والصومال.
وأوضحت إنّ هذا الوجود ليس حديثًا، بل يمتد لأكثر من عقدين، حيث بدأ منذ عام 2001 في السودان، وتوسع لاحقًا بدعم من الحرس الثوري الإيراني ليشمل مناطق حساسة من القرن الأفريقي، في محاولة لبسط النفوذ البحري والسيطرة على الممرات الملاحية، خاصة مضيق باب المندب الحيوي.
وبدأت الورقة برصد العلاقة التاريخية بين طهران والخرطوم، والتي تعود إلى أوائل الألفية، وتشير إلى استغلال جماعة الحوثي للأزمة السودانية الحالية، والصراع الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع، حيث أعادت إيران إحياء علاقتها مع السودان بهدف تزويده بالأسلحة، عبر وساطة جماعة الحوثي التي تمتلك خبرة في التهريب.
ووفقا لهذه الورقة البحثية فإن هذه العلاقة بين طهران والخرطوم جاءت بعد قطيعة استمرت نحو 8 سنوات، منذ مشاركة السودان في “التحالف العربي” لدعم الشرعية اليمنية.
وأشارت في هذا السياق، إلى أن إيران تسعى لتعزيز نفوذها، فيما يستغل الحوثيون هذا الدعم لتأمين خط تهريب السلاح إلى اليمن، وتثبيت موطئ قدم في الضفة الغربية للبحر الأحمر.
وفي إريتريا، تشير الورقة إلى أن طهران استخدمت علاقاتها مع النظام الإريتري منذ عام 2008 لدعم الحوثيين لوغستيًا. فقد وفّرت أسمرة جزرًا ومعسكرات استُخدمت لتدريب واستقبال المقاتلين وتهريب الأسلحة عبر قوارب الصيادين.
وبرغم إعلان إريتريا قطع علاقتها بإيران في 2014، إلا أن مؤشرات متعددة تدل على استمرار التعاون غير المعلن. وأبرز ما كشفه التقرير هو اعتراف أحد المجندين الإريتريين المنتمين لقبيلة العفر بإنشاء الحوثيين خلايا في مناطق مطلة على البحر الأحمر، بدعم إيراني مالي وعسكري، مع سعي لتأجيج النزعات الانفصالية في الإقليم العفري المشترك بين إريتريا، جيبوتي، وإثيوبيا.
أما جيبوتي، والتي استأنفت علاقتها مع إيران عام 2023 بعد انقطاع دام 7 سنوات، فقد كانت خلال السنوات الماضية مسرحًا لتحركات الحوثيين، خصوصًا في فترات اشتداد الحروب في اليمن.
ويُعدّ قرب جيبوتي من اليمن ميزة استراتيجية استخدمها الحوثيون لنقل الأسلحة عبر قوارب صغيرة من الموانئ الإيرانية إلى المياه الإقليمية الجيبوتية، ثم إلى اليمن.
وتكشف الورقة عن وجود علاقات بين الحوثيين وشخصيات جيبوتية نافذة في ميناء جيبوتي والأجهزة الأمنية، ما مكّن الجماعة من إنشاء مسارات تهريب بديلة وفعّالة، بعيدًا عن الأنظار.
وتشير دراسة لمعهد الشرق الأوسط في واشنطن إلى أن دعم كيانات في جيبوتي للحوثيين يقوّض ادعاء الحياد الذي ترفعه البلاد، ويثير مخاوف من تحولها إلى بيئة حاضنة للأنشطة غير المشروعة.
النشاط الحوثي في الصومال
وفي الصومال، ترصد الدراسة تحالفًا معقدًا بين الحوثيين وتنظيمي القاعدة وحركة الشباب، بوساطة الحرس الثوري الإيراني، الذي يرى في الصومال بوابة بحرية طويلة ومفتوحة للتهريب.
وتكشف اعترافات مجند حوثي، بثتها وسائل إعلام تابعة للمقاومة اليمنية، عن عمليات تهريب مكثفة للأسلحة والمعدات والأفراد، انطلقت أواخر عام 2024 عبر الأراضي والمياه الصومالية، وبتنسيق مع قراصنة محليين.
كما تُشير معلومات استخباراتية إلى وجود اتفاق محتمل بين الحوثيين وحركة الشباب المجاهدين لتبادل الدعم والتنسيق الأمني، وهو ما يعزّز المخاوف من تحول البحر الأحمر إلى بؤرة تهديد أمني إقليمي.
وأشارت الدراسة إلى أن استمرار التمدد الحوثي في الضفة الغربية للبحر الأحمر، من دون ردع فاعل، سيعني توسيع رقعة التهديدات لتشمل ليس فقط اليمن، بل المنطقة بكاملها، بما في ذلك أمن الملاحة والتجارة الدولية.
كما حذرت من أن استمرار الفراغ الأمني في المنطقة قد يمكن الحوثيين من تعزيز وجودهم، خاصة مع تقاعس المجتمع الدولي عن دعم الحكومة اليمنية الشرعية بكامل قدراتها.
وحثت الورقة البحثية، المجتمع الدولي على فرض رقابة صارمة على تهريب الأسلحة عبر آليات التفتيش التابعة للأمم المتحدة ز حذرت الدول الأفريقية من الانخراط في تعاون يضر بأمن اليمن، مع التأكيد على أهمية المصالح المشتركة في استقرار البحر الأحمر.
واختتمت الورقة بالتأكيد على أن التمدد الحوثي في الضفة الغربية للبحر الأحمر ليس تهديداً يمنياً فحسب، بل خطراً إقليمياً ودولياً يتطلب تحركاً عاجلاً لضمان أمن الملاحة وحماية المصالح الاقتصادية والأمنية للدول المشاطئة.