هكذا نجحت كييف بتدمير قواعد موسكو الاستراتيجية على بُعد 4000 كيلومتر في العمق الروسي

الانباء أونلاين – متابعات:
وُصفت العملية التي نفّذها جهاز الأمن الأوكراني، أمس الأحد بأنها من أكثر العمليات العسكرية تعقيدًا وجرأة منذ بدء الحرب الأوكرانية الروسية المستمرة منذ عام 2022
العملية التي أطلقت عليها كييف اسم “شبكة العنكبوت” (Spider’s Web) استهدفت خمس قواعد جوية روسية استراتيجية تقع في عمق سيبيريا، على مسافة تصل إلى 4000 كيلومتر من الخطوط الأمامية.
و اعتمدت تكتيكًا تمويهيًا غير تقليدي، حيث تم تهريب طائرات مسيّرة هجومية صغيرة داخل شاحنات مدنية تحتوي على مقصورات خشبية مخفية، وصلت إلى محيط القواعد الجوية المستهدفة.
وما إن وصلت حتى فُتحت أسقف تلك الشاحنات لإطلاق أسراب من المسيّرات التي استهدفت طائرات قاذفة من طراز Tu-95 وTu-22M3، وحققت إصابات مباشرة قبل أن تُدمّر الشاحنات ذاتيًا لإخفاء أي أثر قد يقود لمصدر العملية.
أحد أبرز الأهداف كان قاعدة “بيلايا” الجوية قرب مدينة إيركوتسك، وهي منشأة تُستخدم لتخزين وتشغيل قاذفات استراتيجية من طراز Tu-160 القادرة على حمل صواريخ نووية مجنحة.
وتداول ناشطون مقاطع مصورة تُظهر ألسنة لهب وأعمدة دخان كثيف تتصاعد من مدرجات القاعدة، دون أي تعليق رسمي من موسكو حتى الآن.
في تطور متزامن، أفادت مصادر متعددة بوقوع انفجارات داخل مدينة سيفيرومورسك، القاعدة البحرية الرئيسية لأسطول الشمال الروسي، التي تحتضن غواصات نووية من طراز “ياسين” و”أوسكار-2″.
وبينما لم تصدر روسيا تعليقًا رسميًا، رجّح مراقبون أن تكون القاعدة ضمن قائمة الأهداف التي جرى استهدافها في الهجوم الأوكراني المباغت.
تقديرات استخباراتية كشفت أن المسيّرات المستخدمة، وهي من طراز FPV، لا تتجاوز كلفة الواحدة منها 1200 دولار فقط، لكنها ألحق أضرارًا بمعدات عسكرية تُقدّر بملايين الدولارات.
وتشير التقديرات إلى أن أوكرانيا باتت تنتج نحو 200 ألف مسيّرة شهريًا، معظمها من تصنيع محلي لتقليل الاعتماد على المكونات الأجنبية.
ويرى محللون عسكريون أن هذه العملية تُعيد تعريف مفهوم التفوّق الاستراتيجي، وتُثبت أن الضربات المؤثرة لا تتطلب بالضرورة طائرات شبحية أو صواريخ بعيدة المدى، بل يمكن لطائرات مسيّرة بسيطة، إذا ما استُخدمت بذكاء، أن تغيّر قواعد اللعبة في أي صراع.
مشيرين إلى أن عملية “شبكة العنكبوت” تمثل تغييرًا جذريًا في طبيعة الاشتباك، حيث يُمكن لوسائل بسيطة وذكية أن تُحدث أضرارًا استراتيجية تفوق التوقعات، حتى في قلب المناطق المحصنة، وهو ما يُنبئ بتحولات عميقة في ديناميكيات الحرب الحديثة
خسائر باهضة
وبحسب ما أعلنه جهاز الأمن الأوكراني (أس بي يو) عبر “تليغرام”، فإن العملية كبدت الطيران الحربي الروسي خسائر تُقدّر بـ 7 مليارات دولار، وطالت 34٪ من القاذفات الاستراتيجية الروسية القادرة على حمل صواريخ كروز.
بيما كشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن 117 طائرة مسيّرة شاركت في العملية، واصفًا العمليو بأنها “الأبعد مدى حتى الآن”. أن “نتائجه كانت رائعة”، وأن جميع العناصر الذين شاركوا في تنفيذها “غادروا الأراضي الروسية في الوقت المناسب” دون أن يتم رصدهم.
اختراق استخباراتي
مصادر أمنية أوكرانية أوضحت أن الطائرات المسيّرة الهجومية تم تهريبها داخل أعشاش خشبية مموهة، تم تحميلها على شاحنات مدنية نُقلت إلى محيط القواعد الجوية الروسية. وبمجرد وصولها إلى النقاط المحددة، رُفعت أسقف الأعشاش آليًا، لتنطلق الطائرات المسيّرة من داخلها وتبدأ الهجوم المنسّق على أهدافها العسكرية.
ووفقًا للمعلومات التي نقلتها “رويترز” عن مسؤول أمني أوكراني طلب عدم ذكر اسمه، فقد أُصيبت 41 طائرة حربية روسية، بينها قاذفات استراتيجية من طراز Tu-95 وTu-22M3، خلال العملية التي أشرف عليها زيلينسكي مباشرة بالتنسيق مع رئيس جهاز المخابرات الأوكراني.
إحدى أبرز الضربات طالت قاعدة “بيلايا” الجوية الواقعة قرب مدينة إيركوتسك في سيبيريا، والتي تُعد منشأة رئيسية لتشغيل وتخزين قاذفات قنابل بعيدة المدى من طراز Tu-160 القادرة على حمل صواريخ نووية
. وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي الروسية مقاطع فيديو وصور تظهر ألسنة لهب ودخان كثيف تتصاعد من مدارج القاعدة
واعتبر الهجوم، الذي نُفّذ في خمس قواعد جوية روسية، سابقة من نوعها، نظرًا للمسافة الشاسعة التي قطعتها المسيّرات الأوكرانية داخل العمق الروسي، والتي تفوق مدى أي صاروخ باليستي أو طائرة هجومية تمتلكها أوكرانيا في ترسانتها الحالية.
وبحسب تصريحات إيغور كوبزيف، حاكم منطقة إيركوتسك، فإن “طائرات مسيّرة هاجمت وحدة عسكرية روسية قرب قرية سريدني، القريبة من قاعدة بيلايا”، مؤكدًا أنها انطلقت من شاحنة دون أن يُحدد الجهة المنفّذة للهجوم.
إنتاج محلي وهجمات ذكية
تنتج أوكرانيا حاليًا نحو 200 ألف طائرة مسيّرة شهريًا، معظمها محلي الصنع، وتُستخدم في عمليات استنزاف ذكية تهدف إلى تقويض قدرة روسيا على شن ضربات بعيدة المدى، خاصة في ظل الاعتماد المتزايد على القاذفات التقليدية.
هذا التكتيك غير التقليدي في استخدام المسيّرات، والذي يعتمد على التهريب الأرضي والتمويه الخشبي والإطلاق عن بُعد، يعكس تطورًا لافتًا في الحرب الاستخباراتية والهجومية بين الطرفين.
وقد نجحت هذه الطائرات المسيّرة، التي لا تتجاوز كلفة الواحدة منها 1200 دولار فقط، في تدمير أهداف تُقدّر قيمتها بمئات ملايين الدولارات، ما يعيد تشكيل مفهوم التوازن الاستراتيجي في الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين.