اختطاف الفتيات.. جريمة منظمة وشبح مرعب يروّع اليمنيين

الانباء اونلاين – متابعات
عادت ظاهرة اختفاء الفتيات في اليمن إلى البروز من جديد، وأخذت تتصاعد بشكل لافت منذ عدة أشهر، وأثارت الخوف والرعب لدى سكان العاصمة اليمنية صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
ولم يكن اختطاف واختفاء الطفلة “سمية الأسلمي”، من شارع عشرين في العاصمة صنعاء، مطلع ديسمبر 2019، سوى آخر حادثة من سلسلة اختطافات طويلة لفتيات كثير منهن لم يكشف عن مصيرهن حتى اليوم.
وسجلت صنعاء سلسلة من حوادث اختطاف واختفاء الأطفال، في ظاهرة لافتة وغير مسبوقة أثارت هلع الأهالي، وسط اتهامات لجماعة الحوثيين بوقوف عدد من قياداتها وراء حوادث مشابهة مع فتيات، بينما ترفض تلك الاتهامات.
اختطاف “سمية”.. وغضب شعبي
في 5 ديسمبر الجاري 2019، اختفت الطفلة “سمية عبد المحسن الأسلمي” من أمام منزلها في شارع عشرين وسط العاصمة اليمنية صنعاء، في حين سارع الأهالي لإبلاغ سلطات الحوثيين باختطاف ابنتهم.
وبعد مرور نحو أسبوع، وفي 13 ديسمبر، كشف مقربون من عائلة الطفلة “الأسلمي” عن إبلاغهم من قبل البحث الجنائي بصنعاء بالعثور عليها على قيد الحياة، وتم تسليمها إلى العائلة، دون مزيد من التفاصيل.
وأثارت الحادثة غضباً في الشارع اليمني، ودشن نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وسوم “#عوده_محمد_ادم، #اليمن_والاختطافات، #اعيدوا_ابنتي”.
وتداول النشطاء صورة الطفلة “سمية الأسلمي”، وكتبوا عبارات تندد بتزايد تلك الاختطافات.
ظاهرة مرعبة تنتشر وهي جرائم اختطاف الفتيات في اليمن. والأكثر رعباً من ذلك هو تكتم بعض العائلات عن الموضوع بسبب العار والشرف فلا يقوموا حتى بالإبلاغ عن اختفاء بناتهم!! نحن في مجتمع يقدس العيب والعار اكثر حتى من ارواح الفتيات البريئة!#لا_للاختطاف pic.twitter.com/CL97qVfxOA
— YFM | الحراك النسوي اليمني (@YemeniFeministM) December 16, 2019
وقال نشطاء في الحملة إن هذه الحملة “من أجل كل طفل اختطف، كل أم فقدت فلذة كبدها وأحرقها انتظاره، وكل أب عجز عن إيجاد حل، وحتى لا تدور الدائرة ويكون ابنك أو ابنتك أو حتى أنت ضحية عصابات الاختطاف الإجرامية”
لم يقف الموضوع في اليمن عند خوف الأطفال من آلة الحرب التي أعاقت حركتهم وحريتهم وحرمتهم الكثير بل تعداه إلى حصارهم من قبل أهاليهم ومنعهم من الخروج حتى إلى جوار منازلهم خوفاً عليهم من المختطفين الذين أخفو الكثير في فترة قياسية،الرعب يسيطر على الأطفال وأهاليهم #اليمن_والاختطافات pic.twitter.com/4FziCQJYIm
— منى الفقيه (@Muna_ELfgeeh) December 13, 2019
إحصائيات وأرقام
في 15 ديسمبر الجاري، أعلنت منظمة حقوقية رصد اختطاف عشرات الفتيات في العاصمة اليمنية صنعاء، الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي منذ نهاية عام 2014، متهمة قيادات بالجماعة بالتورط في اختطاف بعضهن.
رايتس رادار: وفقاً لشهود عيان لم يفصحوا عن أسمائهم لدواع أمنية تم #اختطاف أكثر من 35 #فتاة و #طالبة من أماكن للدراسة ومن شوارع في العاصمة #صنعاء خلال الفترة القصيرة الماضية.
لقراءة البيانhttps://t.co/YwtG09b05f pic.twitter.com/4RJEUuvj0S
— RIGHTS RADAR (@RightsRadar) December 14, 2019
وقالت منظمة “رايتس رادار” اليمنية لحقوق الإنسان (غير حكومية/ مقرها أمستردام): إن “ظاهرة اختطاف الفتيات والطالبات والنساء في صنعاء والمناطق التي تقع تحت سيطرة جماعة الحوثي تصاعدت بصورة غير معهودة وغير مسبوقة”.
وأضافت: إنه “وفقاً لشهود عيان لم يفصحوا عن أسمائهم لدواعٍ أمنية؛ تم اختطاف أكثر من 35 فتاة وطالبة من أماكن للدراسة ومن شوارع في العاصمة صنعاء خلال الفترة القصيرة الماضية (دون تحديدها)
رايتس رادار: حسب إفادة والد أحد #المختطفات لرايتس رادار فإنه قد تم نقل ابنته #المختطفة من بيت الدعارة إلى سجن في #صنعاء مع #ثلاثين مختطفة أخرى من مناطق مختلفة.
لقراءة البيانhttps://t.co/YwtG09b05f pic.twitter.com/bWoVBcDoEa
— RIGHTS RADAR (@RightsRadar) December 14, 2019
من جهتها أكدت المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر، في وقت سابق، أن جماعة الحوثي المسلحة تواصل ممارسة أشد أنواع الانتهاكات بشاعة وفظاعة بحق نساء مختطفات ومخفيات قسراً في سجونها السرية.
وأعلنت أن عدد النساء المخطوفات والمخفيات قسراً وصل إلى أكثر من 160 امرأة.
وبحسب المنظمة فإن مليشيا الحوثي عملت، من خلال تواطؤ بعض الأجهزة القضائية، على تحويل دفعة أولى من السجينات وعددهن 55 امرأة مختطفة من السجون السرية الخاصة إلى السجون العامة، بعد تلفيق تهم والتقاط صور خلال فترة الاختطاف لغرض الابتزاز وصرف الأنظار عن جريمتهم.
في حين يقول تقرير حكومي إن 320 امرأة ما زلن معتقلات في سجون مليشيات الحوثي الانقلابية، وإن الحكومة تعمل وتبذل جهوداً كبيرة مع المجتمع الدولي من أجل إطلاق سراحهن.
أرقام أكبر
ونتيجة للعرف القبلي يتكتّم كثير من الأهالي على قضايا اختطاف بناتهم تجنباً لما يعتقدون أنه عار، وهذا ما يخفي الكثير من معالم هذه الظاهرة.
وتقول الناشطة اليمنية جوري محمد، إن الحديث عن وجود اختطافات والقصص التي تروى “ليست مجرد وهم وقصص يتناقلها الناس في المواقع، بل هناك حوادث حقيقية وضحايا تنشر صورهم هنا وهناك، وفتيات يسكت أهلهن خوفاً من العار وكلام المجتمع الجارح، فتزداد الجرائم وسطوة الخاطفين”.
وتابعت: “هناك أرقام كبيرة ومرعبة، كل يوم نسمع عن قصة، وهناك قصص يتم كتمانها، ما تتحدث عنه المنظمات ما هو إلا جزء يسير فقط مما يحدث على أرض الواقع”.
وأكدت أن الطفلة سمية “لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة ما لم يتكاتف المجتمع ويستوعب حجم الكارثة”، مطالبة في حديثها بـ”الضغط على من يقومون بالتحقيق للكشف عما يحدث للرأي العام حتى لا تتزايد الجرائم ويختفي الجاني”.
وأشارت في حديثها لـ”الخليج أونلاين”، إلى أن الاختطافات في صنعاء للأطفال والفتيات “أصبحت منظمة، ومرتبطة بعصابات لها علاقة بقيادات في سلطة الأمر الواقع”، محملة في حديثها الحوثيين “مسؤولية كل جرائم الاختطافات التي تناولها الإعلام، والتي لم تصل للإعلام، وسيأتي اليوم الذي سيفتح هذا الملف وينال كل مجرم عقوبته”.
اختطافات منظمة
ويقول الناشط الحقوقي يوسف القحم، إن حادثة اختطاف الطفلة سمية الأسلمي تعد الثالثة خلال أقل من شهرين، مشيراً إلى أن الحادثتين السابقتين حدثتا خلال خروج طفلتين من مدرستهن في حي دارس شمالي العاصمة صنعاء.
اختفى الرجال فخرجت النساء في #صنعاء يبحثن عن فتياتهم المختطفات في سجون كهنة القرن..
الطفلة غدير العصري اخر المختفيات منذ اسبوع pic.twitter.com/GSKOIkwDO3— سمير الصلاحي Samer Alsalahi (@sameer20_20) March 9, 2019
وأوضح في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن منتصف يونيو الماضي، شهدت شوارع صنعاء اختفاء غامضاً لـ6 فتيات بصورة جماعية، وسط اتهامات “للحوثيين بالضلوع في دعم عصابات إخفاء واختطاف الفتيات وتوفير الحماية لها”.
وأضاف: “في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، اختفت الطفلة غدير العصري التي ذاع صيتها يومها، إضافة إلى الطفلة ردينة محمد حسن، في حادثتين منفصلتين، لا تختلف الطريقتان في الخطف والإخفاء الغامض، والتي عادة ما تدفع الأهالي لمناشدة المجتمع المساعدة في البحث عن بناتهم ونشر أرقام هواتفهم للتواصل”.
https://twitter.com/shathaalmeklafy/status/1100405679129423877?s=19
كما كشف في حديثه أن الحوثيين لجؤوا إلى خطف العشرات من الفتيات في “حملات اختطافات منظمة يشنها مسلحو المليشيا بتهم مختلفة؛ على رأسها (الاختلاط)، وتهم أخرى تمس الشرف، وهو ما يجعل الأهالي يخفون الحديث عن اختطاف بناتهم”.
وتقول مصادر في صنعاء إن فتيات مراهقات، أغلبهن طالبات مدارس، اختطفن، ليعثر عليهن في وقت لاحق في سجون تابعة للأجهزة الأمنية التابعة للحوثيين وقد لُبسّن تهماً أخلاقية، في حين تقول مصادر حقوقية في مدينة ذمار إن فتيات اختطفن لتكتشف أسرهن بعد ذلك أنهن جنّدن في مليشيات نسائية تابعة للحوثيين، أو حضرن دورات تابعة للجماعة.
نفي حوثي
ويرفض الحوثيون توجيه تهم لهم باختطاف الفتيات وإخفائهن، وغالباً ما يقولون إن تلك الحوادث لا تعدو أن تكون مبالغة إعلامية وقصصاً ملفّقة وكاذبة لإشغال الرأي العام.
لكن في المقابل تبث وسائل إعلام الحوثيين مواد فيلمية للرد على أخبار الاختطافات المتعلقة بالنساء والفتيات، وتتحدث بين الحين والآخر عن قيام “أجهزة الأمن باعتقال شبكات متورطة في الدعارة المنظمة وتجارة الأعضاء وتعاطي المخدرات والحشيش والسرقة بالإكراه”.
ويقول الحوثيون إن إجراءات القبض والتفتيش والمراقبة للمنازل والأشخاص “تمت بصورة قانونية وفق توجيهات من القضاء والنيابة، من بينها تصفح هواتف المتورطين واستخراج البيانات”.
وتقول المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر إن مليشيا الحوثي “عملت من خلال تواطؤ بعض الأجهزة القضائية على تحويل دفعة أولى من السجينات وعددهن 55 امرأة مختطفة من السجون السرية الخاصة إلى السجون العامة، بعد تلفيق تهم والتقاط صور، خلال فترة الاختطاف لغرض الابتزاز وصرف الأنظار عن جريمتهم”.
المصدر : الخليج اونلاين