ما وراء دفن الحوثيين لأكثر من 700 جثة مجهولة الهوية؟

الانباء اونلاين – وفاء محمد:
تفتح مليشيا الحوثي فصلاً جديداً من فصول جرائمها ضد اليمنيين، بدفنها لأكثر من سبعمائة جثة منذ مطلع العام الجاري، بحجة أنها مجهولة ولم يأتِ أحد لاستلامها.
في موقع وكالة “سبأ”، التابعة للحوثيين، تقول المليشيا إنها تدشن المرحلة الرابعة من دفن الجثث المجهولة.. توحي صياغة الخبر وكأن مليشيا الحوثي تزف خبراً عن تدشين مشروع، ولكنه، بشكل أو بآخر، يؤكد مشروع المليشيا.
اللافت في خبر دفن الحوثيين أكثر من سبعمائة جثة هو مشاركة لجنة الصليب الأحمر في العملية، دون أن تتيح اللجنة معلومات كافية عن هذا الملف الشائك، أو توضح طبيعة مشاركتها.
علامة استفهام كبيرة
وفي السياق، يقول الصحفي حسين الصوفي إن الإعلان المتكرر بشأن دفن جثث مجهولة الهوية من قبل مليشيا الحوثي يثير علامات استفهام كبيرة، كما أن هذه الإعلانات بين الفينة والأخرى تحمل رسائل مخيفة؛ كون المليشيا متورطة بإخفاء المئات من اليمنيين قسراً في سجونها.
وأضاف الصوفي، خلال حديثه لبرنامج “المساء اليمني”، على قناة بلقيس، أن كثيرا من المنظمات الحقوقية رصدت أكثر من ثمان مائة يمني أخفوا قسراً من قبل هذه المليشيا، كما أن أهالي المخفيين قسراً يتحدثون بشأن إخفاء أقاربهم من قبل المليشيا.
ويوضح الصوفي أن إعلان المليشيا عن دفن سبع مئة جثة مجهولة يشير إلى أن هناك جريمة ما ارتكبت؛ كون الدفن كان أحادي الجانب، وبشكل غير موثّق كذلك، كما أنه لم يحضره أي من الشهود، متسائلاً عن الجهة القانونية التي أوعزت بدفن هؤلاء.
ويعتقد الصوفي أن ضبابية موقف الصليب الأحمر بعدم إثبات حضور الدفن أو نفيه يحمل أسئلة كثيرة، كما أنه يوحي بأن هناك جريمة ما ارتكبت.
وبخصوص ما إذا كان حضور الصليب الأحمر يضفي الشرعية لعملية الدفن التي قام بها الحوثيون، يقول الصحفي الصوفي إن حضور الصليب الأحمر لا يمكن أن يمنح عملية الدفن أي شرعية قانونية، كونها جريمة إنسانية، كما أن القانون اليمني لا يعطي الحق لمثل هذه الإجراءات التي تحمل علامات استفهام كبيرة وتحوم الشكوك حولها كذلك.
شكوك وهواجس
من جهته؛ يوضح رئيس المركز الأمريكي للعدالة، عبدالرحمن برمان، أن الإجراءات القانونية هي أن يتم الدفن بعد الإعلان في صحيفة “الثورة” ووسائل الإعلام الرسمية عن هذه الجثث المجهولة، ودعوة الأهالي إلى التعرف عليها قبل دفنها بفترة زمنية كافية، كما أن ذلك يتم بإشراف النائب العام.
ويستدرك برمان القول إن الدفن لهذا العدد الكبير من قبل الحوثيين يعد مفجعاً، كما أنه يعد أمراً يثير الريبة والشك حول هذه القضية، كون العدد كبيراً، وغير مسبوق كذلك، مطالباً بالتحقيق حول عملية الدفن لهذه الجثث المجهولة، كون معتقلات الحوثي مكتظة بمئات اليمنيين المخفيين قسراً.
وبشأن موقف الصليب الأحمر، وحول ما إذا كانت مشاركته في دفن الجثث تدخل في إطار مهمته الإنسانية، يرى برمان أنه يتوجب على الصليب الأحمر أن يوضح توضيحاً كاملاً حول عملية الدفن، التي تمت، وإجراءات مليشيا الحوثي حيال ذلك، وكذلك الدور الذي قام به الصليب خلال ذلك.
ويلفت برمان إلى أن الصليب الأحمر كمنظمة إنسانية يحق له قانونياً أن يحضر كمراقب للاطلاع على الملفات والوثائق، وكذلك الإجراءات التي اتخذت في ذلك.
وفيما يتعلق بغياب المواقف الدولية تجاه هذه الجرائم، يقول برمان إن الإشكالية الكبيرة تتمثل بأن اليمن هو آخر اهتمامات المجتمع الدولي، وخصوصاّ من الناحية الحقوقية والإنسانية.
بدوره، استاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء، عبدالباقي شمسان، قال: إن قيام مليشيا الحوثي بدفن الجثث “المجهولة” مخالف لكل الإجراءات القانونية.
وأضاف أنه من المؤسف الحديث أو مطالبة الحوثيين بالإجراءات القانونية لعملية الدفن، كون ذلك يعطي الصبغة الشرعية لمليشيا انقلابية، كما أن الإجراءات القانونية لا تعطي المليشيا أي صبغة قانونية، لأنها ليست دولة، وإنما جماعة خارجة عن النظام والقانون.
ويفيد بأن الحوثيين باستدعائهم الصليب الأحمر في عملية الدفن “أرادوا أن يثبتوا أنهم لم يرتكبوا جرائم ضد الإنسانية، كما أنهم أرادوا أيضا إثبات وثيقة بأنهم يتبعون الإجراءات الدولية في ذلك”.
وتساءل شمسان عن الدليل الذي يمكن من خلاله إثبات أن من تم دفنهم يعدون مجهولي الهوية؟!، داعياً الصليب الأحمر إلى إظهار المقبرة الجماعية التي تم فيها دفن هذه الجثث، كونه حضر عملية الدفن.
ويفيد شمسان بأن حضور الصليب عملية الدفن لم يكن في الإطار الإنساني، كونه يوجد هناك خلل كبير لدى المنظمات الدولية في التحرّك لوقف مثل هذه الجريمة، والتي سُبقت بجرائم كثيرة مثلها، حد قوله.
ويرى شمسان أنه يجب إعداد ملفات لمثل هذه الجرائم، والتحرك في مجلس الأمن، وذلك لإقامة محكمة خاصة في جرائم الإخفاء القسري والتعذيب أو المقابر الجماعة، وغيرها من الجرائم التي تتم في جميع مناطق اليمن.
ويدعو شمسان الصليب الأحمر إلى جمع الوثائق المتعلقة بالكشف الجسدي عن الجثث المدفونة، وذلك من خلال الآثار البادية على الجسد، سواء كانت آثار تعذيب أو قصف أو غيرها، كما أن الصليب مطالب أيضا بكشف الأسماء كذلك.