في مأرب ..شاعرٌ يحمي كلماتٍ تكاد تندثر «حوار»

الأنباء أونلاين – زين العابدين بن علي:

أجرت مجلة العربية السعيدة الأدبية الصادرة من العاصمة الألمانية برلين حواراً مقتضباً مع الشاعر والأديب عبدالله العطار عضو إتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، ورابطة شعراء العالم عن اللهجة المأربية والجهود التي يبذلها لتوثيق هذه اللهجة العربية الأصيلة وحفظها من الإندثار.

الأنباء أونلاين يعيد نشر نص الحوار الذي أجراه الصحفي زين العابدين بن علي مع الأديب العطار ونشرته مجلة العربية السعيدة  في عددها الأخير الصادر في شهر سبتمبر الجاري وفيما يلي نصه :

طاف عبد الله سعيد العطار مدن يمنية عدّة حتى استقر به الحال في محافظة مارب عام 1997م:‏ مخالطا منذ ذلك الحين المجتمع البدوي في مديرية وادي عبيدة» شرق مدينة مأرب.
يعمل العطار على أول معجم للهجة الماربية» رغبة منه في توثيق ما سمعه وتعلّمه منذ أن وصل إلى مأرب، ولما تزخر به تلك اللهجة كشكل من أشكال التّنوع في المجتمع اليمني.

العطار من مواليد 1977م، ‏ في محافظة إب,، يعمل كنائب مدير إدارة الإعلام التربوي والعلاقات العامة بمكتب التربية في محافظة مأرب.
العطار هو عضو اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، ورابطة شعراء العالم.
له ديوان شعري تحت عنوان (على ضفاف الحلم) وحاز على جائزة رئيس الجمهورية في الشعر عن محافظتي مارب وصنعاء

في هذا اللقاء نتحدث مع العطار حول اللهجات في اليمن وما يمكن أن تمثله كأداة مساعدة للتّعايش بين اليمنيّين مستقبلا:

 لماذا أنت مهتم باللهجة المأربية؟

الرغبة الملحة والشغف الذي رافقني منذ الصغر للاهتمام باللهجات» إضافة إلى طبيعة عملي كتربوي واهتمامي باللغة. قضيت مدة طويلة في المجتمع المأربي تربو عن 25 عاما.
لهجة مأرب لم تحظ بالتدوين والذراسة والجمع كباقي اللهجات اليمنيّة. لهذا رغبت في تقديم معجم يكون بمثابة مرجع للمهتمين والباحثين.

ما هي الطرق والأساليب المتّبعة في البحث عن المفردات؟

اتبعت طرقا مختلفة لجمع كل شاردة وواردة من خلال المشافهة؛ السّماع، وقراءة الشعر المآربي، لجمع وتدوين المفردات ومعانيها.

كذلك نزلت الميدان وأجريت لقاءات مع شخصيات كبيرة تمتلك ذخيرة من لهجة مأرب القديمة ومدلولاتها، والأسماء ومعانيها، حتى تكونت لدي ثروة من لهجة مأرب.

بدأت بتبويب تلك المفردات على حروف الهجاء، ليسهل تأصيلها والوصول إليها، كما كنت أكتب بعض الأبيات الشعرية القديمة كشواهد. وكذلك الأمثال ومضاربها ومعانيها. بعدها أكون رؤيتي الخاصة في التبويب ووضع المعاني الدقيقة وتدوينها.

إلى ماذا تهدف بتوثيق هذه اللهجة؟

أهداف كثيرة من بينها الحفاظ على مفردات أصيلة وجمعها وحمايتها من الاندثار. وجدت الكثير من شباب مأرب لم يعد يعرف كثيرًا من معاني مفردات اللّهجة المأربية.

أيضا للتوثيق ولفت اهتمام المختصين والباحثين إلى دراسة ماتم جمعه وما لم يجمع.

هذا العمل هو كذلك رد جميل لهذه المحافظة التي احتوتني، ونقل صورة مشرقة وحضارية عن ثقافتها وتراثها بعيذا عن الصورة النمطية والمشوشة عنها.

ما الذي يحويه كتاب اللهجة المأربية؟

هو عبارة عن كلمات باللّهجة المأربية على نسق هجائي يربط كل كلمة بمعناها في اللهجة والفصيح» وتوضيح علاقتها بمدلولها، وتفسير معناها، وتدعيمها بشواهد من الشعر والأمثال والأساطير.

والكتاب هو معجم الفبائي يوفر معلومات عن المفردة من حيث اللفظ أي النطق وتعديها واشتقاقها وقد تم تبويب الكتاب في عدة أقسام منها: أسماء الحيوانات وصفاتها، المزروعات والأشجار، النباتات الصحراوية، الإيل وصفاتها، أدوات الزراعة» أدوات الزينة» الأطعمة والمشروبات… الخ.

تم تقديم جزء من هذا المعجم في برنامج إذاعي بإذاعة مأرب لمدة خمس سنوات في مايقارب 200 حلقة» ويبلغ حجمه قرابة 800 صفحة:،لكنه مازال مسودة في طريقه نحو الطباعة.

لماذا لم ينشر المعجم بعد؟

كلفة الطباعة تفوق إمكانيتي المادية» إضافة إلى جهل الجهات الرسمية بالمحافظة بأهمية عمل كهذا وتبنيه، والترويج له. هناك كذلك غياب لاهتمام المؤسسات الثقافية والإعلامية الرسمية والخاصة:؛ إضافة للوضع الاقتصادي الصعب الذي يمر به البلد عمومًا.

 ما أهمية توثيق اللهجات اليمنية؟

توثيق التراث الثقافي والموروث الشعبي لأي بلد يحتل أهمية قصوى وأولوية لدى الشعوب، للحفاظ على موروثها من الاندثار والاضمحلال. اللهجات هُوِيّة وطنية ولغة خطاب وسلوك يومي. اوالحفاظ عليها هو حفاظ على الَهُويّة، والعادات والتقاليد والفنون من الموت البطيء، كونه ينتقل من جيل إلى آخر ويجري على ألسنة الناس وعدم التوثيق يؤدي إلى قطع صلة الماضي بالحاضر.

ما أهمية الحفاظ على التنوع في اللهجات بالنسبة لمستقبل التعايش في اليمن؟

الحفاظ على تنوع اللهجات يعني حفظ هُويّة اليمن وتاريخه، وحاضره ومستقبله. لهجات اليمن ذات أصل واحد حميري حيث توحدت لغة اليمن في عهد الدولة الحميرية من أقصاها إلى أقصاها.

للهجات قواسم مشتركة في النطق والدّلالة والتعبير عن موروث اليمن الحضاري والثقافي، ومسارًا للتعايش من خلال أصالة لهجاتهم المنطوقة.

اللهجات كذلك مسبار لإبراز الهُويّة الوطنية والقومية ،والكشف عن ملامحها، وهي قابلة للتطور والتوسع والتعايش مع مرور الزمن.

ما هي رسالتك للمختصين والجهات المعنية بالثقافة والحفاظ على الموروث الشعبي؟

اهمامكم بالموروث الثقافي وطباعة وتوثيق كل ما يتعلق بتراثنا سيكون بلسما يداوي عقول الناس من كل ما هو دخيل، ومرجعية لربط الماضي بالحاضر.

نقلا عن مجلة العربيّة السّعيدة

تابعنا في Google News
زر الذهاب إلى الأعلى