بورتريه | ماركو روبيو.. الديبلوماسي الأمريكي الذي نجح في تجنيب العالم شبح حرباً “نووية”

الأنباء أونلاين – متابعات:

برز اسم وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، كأحد أبرز الشخصيات التي لعبت دوراً محورياً في التوصُّل إلى اتفاق وقف إطلاق نار شامل بين الهند وباكستان، بعد تصاعد حدّة التوترات بينهما عقب هجوم كشمير.

فقد أعلن الوزير روبيو اليوم أنّ حكومتي الهند وباكستان اتفقتا على وقفٍ فوري لإطلاق النار شامل بينهما، وأنهما ستبدآن محادثات بشأن مجموعة واسعة من القضايا في موقعٍ محايد.

مشيراً إلى أنّ هذا الاتفاق جاء بعد جهودٍ دبلوماسية مكثفة أجراها مع المسؤولين الهنود والباكستانيين، بمشاركة نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، على مدار الـ48 الساعة الماضية.

فمَن هو ماركو روبيو؟ وما دوره في هذا الاتفاق؟

وُلد ماركو أنطونيو روبيو في 28 مايو 1971 في مدينة ميامي بولاية فلوريدا، لعائلةٍ مهاجرة من أصول كوبية.

بدأ مسيرته السياسية كعضو في مجلس مدينة ويست ميامي، ثم انتُخب لعضوية مجلس النواب في ولاية فلوريدا عام 2000، حيث شغل منصب رئيس المجلس بين عامي 2006 و2008. وفي عام 2010، انتُخب عضواً في مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية فلوريدا، واحتفظ بمقعده حتى عام 2025.

أول وزير من أصول كوبية

في نوفمبر 2024، أعلن الرئيس دونالد ترامب عن تعيين روبيو وزيراً للخارجية في إدارته الثانية، وحظي هذا التعيين بتأييدٍ واسع في مجلس الشيوخ، حيث صوّت عليه بالإجماع (99-0)، وتسلّم مهامه رسمياً في 21 يناير 2025، ليُصبح أول أمريكي من أصل كوبي يتولى منصب وزير الخارجية.

وفي 1 مايو 2025، عيّن الرئيس ترامب وزير الخارجية ماركو روبيو مستشاراً للأمن القومي بالوكالة، خلفاً للمستشار السابق مايك والتز، الذي استقال من منصبه بعد سلسلة من الأحداث المثيرة للجدل، أبرزها فضيحة “سيغنال غيت”.

وبذلك، أصبح روبيو أول مسؤول أمريكي يشغل منصبَي وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي معاً، منذ عهد وزير الخارجية هنري كيسنجر في حقبة السبعينيات، وهو أعلى مسؤول أمريكي من الجالية اللاتينية الناطقة بالإسبانية في التاريخ.

“وزير كل شيء”

وإلى جانب منصبيه كوزيرٍ للخارجية ومستشارٍ للأمن القومي بالوكالة، فهو أيضاً المدير المؤقت للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، وكذلك أمين المحفوظات الوطنية بالوكالة.

ودفع هذا التعدّد في المناصب التي يشغلها روبيو حالياً في إدارة ترامب البعض إلى تسميته بـ”وزير كل شيء”، وأثار تساؤلاتٍ آخرين حول قدرته على إدارة كل هذه المهام والمسؤوليات المتنوعة في آنٍ واحد.

الاتفاق الهندي الباكستاني

بدأت الأزمة الأخيرة بين الهند وباكستان في 22 أبريل 2025، عقب هجومٍ إرهابي نفّذه مسلحون مجهولون في منطقة باهالغام في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، أسفر عن مقتل 26 شخصاً من السياح الهنود، بالإضافة إلى سائح نيبالي.

ورغم إدانة إسلام آباد السريعة لهجوم كشمير ونفيها الصريح للاتهامات الهندية المتكررة بشأن صلتها بهذا الهجوم، اتجهت نيودلهي نحو تصعيد الأزمة، واتخذت خطوات وصفتها الحكومة الباكستانية بالعدائية، أبرزها تعليق اتفاقية نهر السند، الأمر الذي اعتبرته الحكومة الباكستانية بمثابة إعلان حرب.

واستمرت الهند بالتصعيد، وشنت في 7 مايو الجاري هجوماً صاروخياً وبالطائرات المُسيّرة استهدف قواعد عسكرية باكستانية، في عملية أطلقت عليها اسم “عملية سيندور”.

مما دفع باكستان إلى تعبئة قواتها للرد على هذا الاعتداء الهندي على سيادتها، وتشن قصفاً مدفعياً وهجماتٍ بطائراتٍ مسيّرة، وتسقط خمس مقاتلات هندية في معارك جوية خاطفة، وسط مخاوف من اندلاع حربٍ شاملة بين القوتين النوويتين.

ووسط هذا التصعيد، قاد الوزير روبيو جهوداً دبلوماسية أمريكية مكثفة مع قادة الهند وباكستان، ونجح بفضل خبرته السياسية والدبلوماسية وقدرته على التفاوض في التوصُّل إلى إعلان وقف إطلاق نار شامل وفوري بين البلدين.

ويشمل الاتفاق، الذي دخل حيّز التنفيذ مساء اليوم 10 مايو 2025، وقفاً لجميع الأعمال العسكرية على البر والجو والبحر، على أن تبدأ الدولتان محادثات سلام أوسع في موقعٍ محايد.

وبهذا الدور المحوري في الاتفاق، أثبت روبيو نفسه كأحد أبرز صنّاع السياسة الخارجية للولايات المتحدة، ولعب دوراً حاسماً في تهدئة واحدة من أخطر الأزمات في جنوب آسيا.

مواقفه الدولية

أما سياساته الخارجية ومواقفه الدولية، فعُرف ماركو روبيو بمواقفه المتشددة تجاه الصين، ودعمه الكامل لإسرائيل، إلى جانب دوره في مكافحة تهريب المخدرات من أمريكا اللاتينية.

إذ يعتبر الصين الخصم الأخطر لأمريكا على الإطلاق، ويدعو إلى اتخاذ إجراءاتٍ صارمة لمواجهة النفوذ الصيني، بما في ذلك فرض عقوبات، ومكافحة التجسس، وسرقة الملكية الفكرية.

أما موقفه من إسرائيل، فقد أعلن دعمه الكامل للحكومة الإسرائيلية في عدوانها على قطاع غزة، ووافق على إرسال مساعداتٍ عسكرية بقيمة 4 مليارات دولار.

وفي أمريكا اللاتينية، قاد روبيو جهوداً مضنية لمكافحة تهريب المخدرات في منطقة الكاريبي، ووقّع اتفاقيات أمنية مع دولٍ مثل كوستاريكا وجمهورية الدومينيكان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى